ما كنت أتمنى؛ كما لم أكن أتوقع أن ينبري مديرعام الشؤون الصحية بمنطقة مكةالمكرمة الصديق الدكتور خالد ظفر لنفي وجود نقص في أعداد الأسرة بمستشفيات محافظة جدة.. كما جاء في العدد الصادر في يوم الأحد 11 ربيع الآخر من هذه الجريدة.. حيث نفى صحة تقرير أعضاء فرع جمعية حقوق الإنسان بمنطقة مكةالمكرمة؛ الذي أكد وجود نقص في أعداد أسرة المستشفيات بمحافظة جدة. فالدكتور خالد مع تقديري لشخصه وجهوده. ينفي وجود النقص.. وهو أول من يعرف باستفحال هذا النقص إلى حد الخطورة الصحية.. وإلى الدرجة التي ارتفعت به ليمثل أزمة صحية تشكل خطرا على حياة المرضى.. فقد يأتي مريض في حالة طارئة ولا يجد سريرا شاغرا.. فينتهي به المآل إلى الرحيل من هذه الدنيا بسبب عدم توفر سرير شاغر في المستشفى. وزيارة واحدة إلى المستشفيات العامة في جدة كفيلة بالوقوف على هذه الأزمة المتفاقمة.. فلقد أصبح المرضى يمكثون في أقسام الطوارئ أياما في انتظار شغور سرير في أقسام العناية المركزة أو في أقسام التنويم. وتحدث الدكتور خالد عن توفر (9305) أسرة لخدمة جدة !! ولا أعلم حقيقة كيف جاء هذا الرقم؟!. دعونا نناقش الأمر بلغة الحقائق والأرقام وبصورة علمية وموضوعية .. ونقول: إن في جدة ثلاثة مستشفيات عامة تابعة لوزارة الصحة: هي مستشفى الملك فهد (720سريرا) ، مستشفى الملك عبدالعزيز (420) سريرا ، مستشفى الثغر(100 سرير). وكلنا يعلم حال مستشفى الثغر. فهل هذا العدد من المستشفيات العامة وهذا العدد من الأسرة كاف لتوفير الرعاية الصحية لنحو ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة .. بل حتى ل 70% من هذا العدد السكاني أو حتى ل 20%.. لنترك البقية للمستشفيات العسكرية والتخصصية التي أشار إليها . وهو يعلم متطلبات العلاج في هذه المستشفيات. وفي آخر كتاب إحصائي صادر عن وزارة الصحة ذكر أن عدد المستشفيات العامة (6) مستشفيات.. وهذا خطأ وغير صحيح (الكتاب الإحصائي صفحة 143).. فعدد المستشفيات العامة 3 فقط وليس الضعف، وآمل أن لا تكون الوزارة قد أعدت خططها معتمدة على هذا الخطأ!!. حتى عدد سكان محافظة جدة الذي أشار تقرير جمعية حقوق الإنسان بأنه 4 ملايين نسمة، بينما أشار الدكتور إلى أنه 3.430 حسب تعداد مصلحة الإحصاءات العامة.. فإن تقدير الجمعية أكثر دقة لأنه مضت سنوات على آخر تعداد كفيلة ببلوغ هذا الرغم في ظل معدل النمو السكاني الكبير في المحافظة. ورغم أن دكتورنا العزيز نفى نقص الأسرة.. إلا أنه أشار إلى أن صحة جدة تقوم بتحويل المرضى إلى مستشفيات القطاع الخاص في حال عدم توفر أسرة في مستشفيات الوزارة وفي الحالات الطارئة .. حيث بلغ إجمالى ما تم صرفه خلال العام الماضي فقط 40 مليون ريال لعلاج المواطنين في مستشفيات جدة فقط!!. أليس كلامه هذا دليلا على شدة النقص واستفحال أزمة الأسرة في المستشفيات العامة .. و أليس فيه تناقض واضح؟!. أما المشاريع المستقبلية وأعداد الأسرة التي ستنضم مستقبلا.. فلنتركها للمستقبل عندما تتحقق فعلا على أرض الواقع نتحدث عنها.. فلنا في مشروع مستشفى شمال جدة الذي مضت عليه (9) سنوات ولم ينته بعد.. خير مثال!!. وللدكتور خالد كل التقدير.. ولا أخال أن له قناعات بما ذهب إليه في نفيه إلا إذا كان ذلك مطلب الوزارة. والخلاصة.. هي إن الاعتراف بوجود المشكلة وخطورتها يمثل أولى الخطوات الصحيحة نحو حلها؛ فمن المهم جدا أن يعترف المسؤولون بوجود المشكلة ومن ثم تنفيذ برنامج عمل عاجل في شكل (إدارة أزمة) .. تقود إلى معالجة المشكلة بدلا من استمراء النفي .. الذي لن يصدقه أحد.. إذ يبدو من ينفيه كمن يسد أشعة الشمس بغربال!!.