استهجن الباحثون الاجتماعيون مسلك البعض من الشباب صغار السن القادرين على العمل، في منافسة مستحقي الضمان الاجتماعي من العجزة والمسنين والمرضى والمطلقات والأرامل في صرف الإعانة الشهرية دون وجه حق، وحملوا وزارتي الشؤون الاجتماعية والصحة المسؤولية في استشراء هذا الاتجاه بين الشباب. «عكاظ» كشفت عن أبعاد القضية من خلال أطرافها في تفاصيل التحقيق التالي: في البداية، أرجع شاب أطلق على نفسه مراد (27سنة)، أسباب تقدمه إلى الضمان إلى معاناته من البطالة، وقال ل«عكاظ» «حصلت على دبلوم في أحد التخصصات، ومر عامان دون العثور على عمل يعينني على مواجهة تكاليف الحياة المعيشية أنا وزوجتي»، وأضاف «التقيت أحد الأصدقاء في مثل سني وظروفي وأقنعني بالتقدم إلى مكتب الضمان الاجتماعي والتحايل عليه بتقرير طبي غير صحيح للحصول على إعانة مالية شهرية دون جهد يذكر، وأرشدني إلى إحضار تقرير طبي من أحد مستشفيات الصحة النفسية يثبت إصابتي بمرض نفسي أستحق على ضوئه الإعانة المالية، فاستخرجت التقارير بمساعدة أقاربي العاملين في هذه المستشفيات، علما بأنني منذ صغري لم أعان من أي مرض نفسي أوعضوي»، وأكد أنه أجبر على سلوك هذه الطريقة كي ينفق على أسرته مشيراً إلى أنه ليس وحده وأن هناك الكثير من الشباب العاطلين انتهجوا نفس الطريق وحصلوا على إعانة الضمان الاجتماعي بكل يسر وسهولة . أصحاء وأسوياء من جانبه، أعرب الباحث الاجتماعي أمين مذكور عن استيائه من كثرة تدفق المئات من الشباب صغار السن الذين لا تنطبق عليهم شروط القبول في الضمان الاجتماعي، وتساءل «أليس غريباً أن يكونوا أصحاء وأسوياء نفسيا وعضوياً وممن يحملون مؤهلات تعليمية جيدة وحاصلين على دورات تدريبية وبدلا من البحث عن وظيفة يتجهون صوب مكاتب الضمان الاجتماعي حاملين معهم تقارير طبية رسمية تثبت إصابتهم بأمراض متنوعة بعيدة كل البعد عن الحقيقة، حتى يتمكنوا من الدخول ضمن قائمة المستفيدين من الضمان الاجتماعي، فيعيشوا وسط أسرهم دون أي رغبة أو دافع في الحصول على وظيفة وعمل؟»، وحمل وزارة الصحة المسؤولية عن استمرار منافسة الشباب الأصحاء للعجزة والضعفاء المحتاجين. شريحة العجزة في السياق ذاته، وصف الباحث الاجتماعي سامي الحملي الوضع بالظاهرة وقال«القضية تشكل ظاهرة وتتمثل في اتكال الشباب المؤهل علميا ودراسيا والسليم جسديا ونفسيا، على الضمان الاجتماعي في الحصول على المعونات التي توفر لقمة العيش للمعدمين وغير القادرين، متناسين أن الضمان أنشأ لخدمة شريحة انقطعت بها سبل الحياة من كبار السن والمرضى والعجزة ممن لا يستطيعون العمل أو الكسب»، وأضاف«توجد فجوة عميقة بين وزارتي الشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة، في عدم المتابعة الدقيقة للمستشفيات والأطباء فيما يتعلق بإصدار التقارير الطبية بما يضمن ابتعادها عن التحايل والخداع» . التقارير الرسمية في المقابل، أوضح مدير عام الضمان الاجتماعي في جازان محمد بن عثمان الحكمي أن الضمان الاجتماعي يعتمد في قبول المتقدمين للحصول على الإعانات الشهرية، من معاشات ومساعدات جزئية على التقارير الطبية الواردة من مستشفيات الشؤون الصحية، وأشار إلى وجود لجنة في الضمان الاجتماعي للتأكد من التقارير الطبية والحالة الصحية للمتقدمين والمصادقة عليها قبل بحثها.