تتجه المؤسسات التعليمية إلى تبني طرائق تدريسية متطورة تواكب التغيير المتسارع في المجال التربوي، وهو ما يتضح في تجربة العديد من التقنيات الحديثة لتيسير عرض المعلومات، وتوظيفها لخدمة عمليات التعليم والتعلم. وخلال السنوات الأخيرة دخل التعليم الإلكتروني مرحلة جديدة، وظهر مفهوم حديث للتعليم أطلق عليه «التعليم المتنقل» Mobile learning الذي تواكب مع ظهور تقنيات الاتصال الحديثة، كالانترنت، والهواتف المحمولة، وأجهزة الآيباد، وانتشار استخداماتها بشكل كبير، وخاصة بين فئات الشباب الذين يشكلون الشريحة الأكبر من منسوبي المدارس والجامعات. ويشير عدد من الخبراء إلى أن التعليم المتنقل شكل جديد من أشكال نظم التعليم عن بعد، يتسم بانفصال الأستاذ عن المتلقين مكانيا وزمانيا، ويركز على استخدام التقنيات المتوفرة بأجهزة الاتصالات اللاسلكية لتوصيل المعلومة للمستفيدين خارج قاعات التدريس، حيث أثبت نجاحا كبيرا، وخاصة مع طلاب الجامعات. وضمن جلسات أعمال المعرض والمنتدى الدولي الثاني للتعليم 2012م، أكدت الخبيرة التربوية M.Otow على الاستفادة من تطبيقات التقنية الحديثة في التعليم، منها، كالآيفون، والآيباد، التي تعد من أهم وسائل التعليم المتنقل، ويمكن أن تساعد الطلاب لتحديد اتجاهاتهم المستقبلية، واكتساب المعرفة، وتطوير قدراتهم من خلال التدريب على استخداماتها، وتوظيفها لخدمة العملية التعليمية، وذلك لأن الطلاب عندما يتعلمون بأنفسهم، ويقومون بدور المعلم والمتعلم، يكون التعليم أكثر فاعلية. إن ما يؤكد أهمية التعليم المتنقل، ما أعلنته شركة الإلكترونيات «أبل» Apple، الأسبوع الماضي بأن الحقائب المدرسية الثقيلة والمليئة بالكتب الدراسية ستصبح شيئا من الماضي، حيث انتهت الشركة من تصميم برنامج يسمح بإعداد كتاب دراسي تفاعلي، يمكن استخدامه عبر الكمبيوتر اللوحي آي باد؛ وهو ما يعني أن توفير الكتب الدراسية لكل شخص سيتكلف فقط 99, 14 دولارا، أو أقل، حسب توقعات الشركة التي أشارت إلى أن أكثر من 1,5 مليون جهاز آي باد تستخدم بالفعل في المؤسسات التعليمية الأمريكية، وهو ما سيساعد على نجاح هذا البرنامج. ويمكن لمدارس التعليم العام، والجامعات السعودية تبني تجربة التعليم المتنقل، وتوظيفها لخدمة العملية التعليمية، وتغيير طرائق التدريس التقليدية، وتشجيع الطلاب على الاستفادة من تقنيات الاتصال الحديثة كالانترنت، والآيفون، والآيباد للبحث عن المعلومات، وتحليلها، ونقدها، وتطويرها، وتبادلها مع الآخرين، وتدريبهم للقيام بدور المعلم والمتعلم المتفاعل، بدلا من الاكتفاء بدور المتلقي!. إن نجاح تجربة التعليم المتنقل تتطلب قناعة القائمين على التعليم بجدواها، ودعمها معنويا وماديا، وتجهيز البنية التحتية للمؤسسات التعليمية، وتدريب المعلمين، والأساتذة، والطلاب على الاستفادة الواعية منها، بما يتلاءم مع الإمكانات البشرية والمادية المتاحة، ويسهم في تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية، على أن تشارك الشركات الوطنية، والبنوك المحلية في التمويل، انطلاقا من دورها التشاركي والتكاملي مع بقية مؤسسات المجتمع. كلمة أخيرة: طريق الألف ميل للوصول للقمة يبدأ بخطوة جريئة. * جامعة الملك سعود كلية التربية. [email protected]