محكمة مصرية تقضي بحبس مرتضى منصور 6 أشهر بتهمة سب محمود الخطيب    من «مسافر يطا» إلى «هوليوود».. فلسطين حاضرة في منصة تتويج «الأوسكار»    جوزاف عون: الزيارة فرصة للتأكيد على عمق العلاقات اللبنانية السعودية    محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد القلعة بالمدينة المنورة ويعزز الحضارة الإسلامية للمملكة    تجمع الرياض الأول يطلق حملة "صم بصحة" لتعزيز الوعي الصحي في رمضان    تباطؤ التضخم في «اليورو».. وصل 2.4% في فبراير    برلمانيون: تبني خطة إعمار غزة.. وتأكيد وحدة الموقف العربي    مجموعة لولو تعلن عن إتمام أول مشروع للطاقة الشمسية بنجاح في المملكة العربية السعودية وتعزز استدامتها عبر شراكتها مع كانو-كلينماكس    أمير منطقة الرياض يستقبل مديري فروع القطاعات الحكومية    أمير القصيم يستقبل محافظ الرس وفريق عمل ملتقى "وطننا أمانة"    علامة HONOR تكشف عن استراتيجيتها المؤسسية الجديدة التي تسعى من خلالها لإتمام انتقالها إلى شركة متخصصة في نظام الأجهزة الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي.    مباريات الهلال من دون جواو كانسيلو    تحديد مدة غياب كانسيلو عن الهلال    أخصائية تغذية: تناول الوجبات الغنية بالدهون يؤثر على صحة الصائم    لماذا استقال مساعد الرئيس الإيراني ؟    أمير الشرقية يستقبل سفير جمهورية طاجيكستان    غدا.. «أرامكو» تعلن أرباحها وتوزيعاتها النقدية    زيلينسكي: استبدالي ليس سهلاً    وزير الحرس الوطني يستقبل أمراء الأفواج بالوزارة    رابطة دوري روشن توضح: الأندية هي المعنية بتحديد أسعار تذاكر المباريات التي تستضيفها    استشهاد فلسطينيين برصاص الاحتلال الإسرائيلي جنوب قطاع غزة    المهندس علي الدمنهوري ضيفاً في CNBC عربية    الذهب يصعد مع تراجع الدولار    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.57 دولارًا للبرميل    مبادرة ل «مكافحة التستر» لتمكين الامتياز في نشاط صيانة السيارات    قمة خليجية تجمع الوصل بالسداوية    بن عثيمين: السحور تأسٍّ بالرسول عليه السلام    المملكة تحيي ذكرى «يوم شهيد الصحة»    تستُّر التطبيقات    رفضت استخدامها كأداة للابتزاز والعقاب الجماعي.. السعودية تدين قرار وقف دخول المساعدات إلى غزة    السجن ل «حمو بيكا» بتهمة حيازة سلاح    الأميرة فهدة بنت فلاح تكرّم الفائزات بجائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن    «الإعلام» تكرم الفائزين بجائزة التميز الاثنين المقبل    في ختام الجولة 23 من دوري روشن.. الاتحاد يسقط في فخ التعادل أمام الأخدود    إغلاق طريق كورنيش جدة الفرعي والطرق المؤدية حتى نهاية أبريل    السلمي يحتفل بيوم التأسيس مع "التوفيق" لرعاية الأيتام    أمطار رعدية على مناطق المملكة حتى يوم الجمعة المقبل    82 موقعاً للإفطار الرمضاني لأهالي المدينة    المواطن رجل الأمن الأول في مواجهة الإرجاف    الدفاع المدني: هطول أمطار رعدية على مناطق المملكة حتى يوم الجمعة المقبل    بدعم القيادة.. تدشين حملة «جود المناطق 2»    أمير القصيم يزور عددًا من القضاة والمشايخ ويهنئهم بحلول شهر رمضان    التسوق الرمضاني بين الحاجة والرغبة    محافظ جدة يشارك قادة ومنسوبي القطاعات الأمنية الإفطار الرمضاني في الميدان    رمضان وإرادة التغيير    «الرّكْب».. خبايا ومقاربات مع عبّاس طاشكندي!    علوم الأجداد وابتكارات الأحفاد    تصحيح فوضى الغرامات وسحب المركبات في المواقف    تجديد تكليف الدكتور الرديني مديرا لمستشفى الملك فهد التخصصي في بريدة    بر سراة عبيدة توزع 1000 سلة غذائية    3500 قطعة أثرية تحت المجهر    جزر فرسان عبادات وعادات    أُسرتا كيال والسليمان تتلقيان التعازي في فقيدهما    وزير الشؤون الإسلامية يعتمد أسماء الفائزات على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن في دورتها ال 26    الصميدي يتبرع لوالدته بجزء من كبده وينهي معاناتها مع المرض    أمير تبوك يستقبل المهنئين بشهر رمضان المبارك    نقل لاعب الزمالك السابق «إبراهيم شيكا» إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية    محمد بن فهد.. أمير التنمية والأعمال الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«برقة».. بوابة الفيدرالية أم نفق المجهول العربي..؟
وبدأ مشروع التقسيم الكبير
نشر في عكاظ يوم 08 - 03 - 2012

•• تتجه ليبيا إلى مزيد من التفتت والتقسيم بعد إعلان ولاية «برقة» الغنية بالبترول عن قيام فيدرالية فيها برئاسة الشيخ أحمد الزبير الشريف السنوسي، ابن عم الملك (إدريس السنوسي) الذي أسقط حكمه الرئيس الليبي السابق معمر القذافي عام (1969م) وذلك بقيام الثورة وإعلان (الجماهيرية العظمى) إيذانا بقيام حكم عسكري تسلطي وغير مسبوق في المنطقة بأسرها إلى أن قتل على يد الثوار الليبيين بتاريخ 20 أكتوبر 2011م.
•• وتعتبر هذه الفيدرالية هي الأولى المعلن عنها في «دول الربيع العربي (تونس مصر ليبيا) بالرغم من أن الليبيين هم آخر من انقلب على النظام السياسي في تلك الدولة، وكونوا مجلسا انتقاليا برئاسة وزير العدل الليبي السابق (مصطفى عبدالجليل) والذي مازال يدير شؤون البلاد حتى الآن بالرغم من تشكيل حكومة جديدة برئاسة (عبدالرحيم الكيب) غير أن الوضع الداخلي ظل وحتى الآن غير مستقر وغابت ملامح الدولة المركزية في الكثير من أنحاء ليبيا بالرغم من مضي أكثر من ثلاثة أشهر على مقتل العقيد.. وتصفية نظام حكمه وذلك بسبب عدم تمكن المجلس الانتقالي من فرض سيطرته الكاملة على بعض الولايات وظلت تلك الولايات تدير شؤونها الداخلية بمجالس محلية.. بعيدا عن الإدارة المركزية نتيجة تمسك الثوار بقوتهم التسليحية التي غنموها من الحرب مع النظام السابق.. وبسبب وجود جيوب قوية حتى الآن لفلول ذلك النظام.. وكذلك بسبب الاختلاف بين هذه الولايات وبين المجلس الانتقالي على هوية النظام السياسية.. وكذلك بسبب الدور الفاعل للقبيلة داخل النسيج الليبي في الهيمنة على مفاتيح السلطة.. بعد أن ارتفعت أسهمها أخيرا، إثر سقوط النظام القمعي السابق.
•• هذه العوامل وتلك.. بالإضافة إلى تمركز الثروة النفطية الكبيرة في «برقة» هي التي عجلت بالإعلان يوم أمس عن استقلال هذا الجزء، وإعلان الفدرالية الاتحادية وإن كانت جميع الدلائل والمؤشرات تؤكد أن «برقة» تتجه إلى «الانفصال» تماما.. وتستعد لإعلان الإقليم دولة مستقلة.. بحكم توفر العديد من العناصر لها للاتجاه نحو هذا الشكل من الحكم الذاتي الكامل بالرغم من أن بعض مظاهر الارتباط مع الحكومة المركزية قد يستمر لفترة من الزمن.
•• والإعلان عن هذا الجسم الجديد في الشمال الأفريقي الممتد على الحدود المصرية لم يأت مصادفة.. ولم يكن مفاجئا للكثير من المراقبين، وإنما كان نتيجة متوقعة لحالة عدم الاستقرار الأمني.. والسياسي.. والاجتماعي التي ظلت ليبيا تعيشها طوال المرحلة الأخيرة.. وبرزت بصورة قوية بعد سيطرة الثوار على مجمل الوضع وإن لم يكونوا متفقين على قيادة سياسية أو عسكرية موحدة.. أو على نهج موحد لفكر الدولة الجديدة حتى الإعلان عن هذا الكيان الجديد في برقة.
•• وما يؤكد التوجه إلى المزيد من الفدرالية في أرجاء ليبيا هو هذا الحشد الكبير من الفعاليات «البرقاوية» التي تجاوز عددها (3000) شخص يوم أمس عند الإعلان عن هذا الكيان السياسي الجديد هناك بمباركة من أعداد كبيرة من شيوخ القبائل.. ومن النخب السياسية والثقافية والأمنية.. مما يدل على أن التفكير في المشروع قد بدأ منذ وقت مبكر.. وأن الإعداد له أيضا بمثل هذه الصورة المحكمة قد أخذ وقته الكافي.. بدليل الاتفاق على تفاصيل لكيان سياسي جديد.. بدستور شبه مكتمل في الجزء الشرقي المهم من أراضي الدولة الليبية التي كانت تعرف بالعظمى في ظل نظام العقيد معمر القذافي وأصبحت اليوم تواجه خيار التعدد وهو خيار أقرب ما يكون إلى «التفكك السياسي» منه إلى الاتحاد الفدرالي.
•• وإذا كان هناك ما يشير أكثر إلى أن ليبيا تتجه بقوة نحو هذا الخيار فإنه الإعلان عن إقليم برقة بالصورة التي أعلن عنها فهو لم يأت نتيجة لاستفتاء عام.. أو طبقا لتوافق شامل بين القوى السياسية والمجتمعية الليبية.. من خلال «المؤتمر الوطني الليبي المنتخب» وإنما تم بمبادرة من الإقليم نفسه، وباختيار نخبه وفعالياته وقواه السياسية المختلفة التي قررت الإعلان عن قيامه دون مقدمات.. ودون تنسيق سابق مع المجلس الانتقالي.. أو مع القوى والفعاليات والنخب الليبية على مستوى الدولة لكي يكون التوجه مقبولا عند الجميع ومأخوذا به في سائر الأقاليم الليبية.
•• والحدث وإن كان مزلزلا بالنسبة للنخبة السياسية الحاكمة في ليبيا في الوقت الراهن.. إلا أنه يعطي كذلك مؤشرات قوية على أن ليبيا بدأت في دخول مرحلة جديدة قد تكون أكثر ميلا إلى بروز أكثر من إقليم مستقل، وذلك سيكون في حالة تحققه مصدر خطر على الكيان الليبي الموحد.. وبداية لنزاعات شديدة حول مصادر الثروة وحدود كل إقليم ومكتسباته أيضا.. فإذا أضفنا إلى ذلك الاختلاف على هوية النظام السياسي الجديد وهل يكون نظاما إسلاميا بحتا.. أو أن يكون نظاما عسكريا قويا.. أو قبليا صرفا.. هذا الاختلاف ساهم في التعجيل بالإعلان عن صيغة «برقة» الجديدة.. كيانا سياسيا جديدا تتوفر له عناصر عديدة.. بعضها جيو سياسي.. وبعضها اقتصادي.. والبعض الثالث ثقافي واجتماعي أيضا.
.. وعلى الأرجح فإن هذا «الانسلاخ» لإقليم كبير من أقاليم الدولة الليبية بمثل هذه السرعة.. وفي ظل هشاشة الوضع الداخلي العام وضعفه.. سيؤدي بالضرورة إلى إرباك النظام الحالي الذي لم يستقر بعد تماما.. كما قد يؤدي إلى تحرك أقاليم أخرى في نفس الاتجاه .. وبالذات في ظل استمرار صعوبات تجميع القدرات العسكرية في يد الدولة منذ الثورة وحتى الآن.. وكذلك في ظل إحياء بعض دعاوى الانفصال، وارتفاع صوت الاستقلال فوق صوت «الوحدة.. والبعد عن التقسيم».
•• وإذا مضى الوضع في هذا الاتجاه كما تدل على ذلك المؤشرات الراهنة فإن مستقبل ليبيا سيصبح خطيرا ليس على الدولة الليبية.. أو الوطن الليبي فحسب.. وإنما بالنسبة لدول الربيع العربي الأخرى التي تشهد حالة عدم استقرار مماثلة حتى الآن.
•• وليس بعيدا أن ينتشر «فايروس» الاستقلال أو الانفصال على أدق تعبير إلى دول أخرى مجاورة وقد يمتد ليشمل المنطقة العربية أيضا.. وذلك للكشف عن الفصل الثاني في مسلسل تفتيت الوطن العربي وشرذمته.. بعد انتهاء الفصل الأول لمؤامرة حقيقية هدفها إسقاط النظام العربي بعد تفتيت دوله.
•• ومن الواضح أن ما حدث في «برقة» سوف يتكرر في أكثر من دولة.. وأكثر من موقع في وقت ليس ببعيد.. بالرغم من الشعور بالمرارة الذي عبر عنه رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبدالجليل يوم أمس حين قال «إن إعلان برقة إقليما فدراليا هو بداية مؤامرة تهدد الوحدة الليبية وأن المجلس لن يسكت على هذا» وبالرغم من المبرر الذي فسر به رئيس المجلس الانتقال لبرقة (السنوسي) أمس.. خطوتهم «بأن برقة لجأت إلى خيار الفيدرالية لأنه لاتوجد في ليبيا دولة حقيقية» بدليل هذا الجمع الكبير والمنظم الذي شهد الإعلان عن الإقليم كقوة سياسية كاملة الأهلية.
•• والأسئلة التي تطرح نفسها الآن هي كيف سيتصرف العرب المشغولون تماما بالوضع السوري الملتهب؟ وكيف ستتصرف دول الإقليم الأخرى؟! وماذا سيكون عليه حال الأقاليم الليبية الأخرى؟! وهل يدعم الجميع التوجه أم يقفون أمامه..؟! ومن سوف يقف إلى جانب من؟ ولأية أهداف يحدث هذا؟! وما هي حسابات المكسب والخسارة بالنسبة للنظام العربي ككل..؟! وأي قمة عربية هذه التي يتحدثون عنها الآن، والأمة تشهد تقطع أوصالها؟!.. وبالذات بعد إعلان إقليم «كركوك» العراقي عن خطوة مماثلة لما جرى الآن في برقة.. بعد أن أخذ الأكراد يعززون وجودهم ككيان سياسي متماسك.. وكذلك بعد أن أصبح السودان دولتين هما أقرب إلى الصدام والاحتراب منهما إلى التوافق والتعاون والانسجام.. وبعد أن أصبح في الصومال دولتان.. وبات الوضع الراهن فيه يهدد بانشطاره إلى ماهو أكثر.. وبعد أن لاح في أفق المنطقة العربية أن هناك تفكيكا أكبر لأكثر من نظام. إما على أسس مذهبية، أو طائفية أو عرقية.. وإما على أساس توزع الثروة.. وفوز البعض به وتجويع البعض الآخر.
•• بقي أن نقول: أين نحن إذا من خيار الممارسة الديمقراطية التي يتقرر فيها شكل الأنظمة السياسية من خلال المؤسسات الدستورية.. إذا كانت الأقاليم أو المجموعات السكانية هي التي تقرر مستقبلها السياسي بمعزل عن إرادة المجموع وقراره النافذ؟
•• هذه الأسئلة وغيرها أطرحها اليوم لأقول إن العرب مطالبون ليس بتوجيه الإدانة لهذه الأقاليم التي تنزع إلى الانسلاخ عن الدولة الأم.. وإنما بالعمل الصادق والجاد على معالجة الأسباب الحقيقية التي تنخر هياكل تلك الدول، وتفتك بأنسجتها السياسية والثقافية والاجتماعية ولا تجد حلولا عملية جادة.. في وقت مبكر.. وتلك مسألة لابد أن تتحمل الأنظمة العربية مسؤوليتها.. وعليها أن تبادر فورا إلى التعامل معها بواقعية وبحسم.. وبوعي تام بحجم الأخطار التي تتهدد دولها وشعوبها قبل فوات الأوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.