لا شك أن قضية البطالة من القضايا الشائكة التي كانت ولازالت هاجسا لدى الحكومة السعودية، والمتابع يلاحظ تغير سياسة وزارة العمل في التعاطي مع هذا الملف من سياسة (الترهيب) إلى (الترغيب) حيث تبنت الوزارة مؤخرا برامج عديدة لتحفيز القطاع الخاص على زيادة نسبة السعودة بمنشآتها، وبنفس الوقت وضعت جزاءات وعقوبات رادعة على المخالفين. وتأمل الوزارة من خلال سياسة (العصا والجزرة) إلى رفع عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص 50 في المئة خلال ثلاث سنوات، وفقا لما أشار إليه وزير العمل المهندس عادل فقيه مؤخرا. ما لفت نظري أن وسائل الإعلام المحلية والأجنبية تفاعلت مع الرقم الذي أشار إليه الوزير بشكل جدلي، فالبعض أشار إلى أنه غير ممكن الوصول إلى هذه النسبة في ظل عزوف الشباب عن العمل في المهن بسبب ثقافة العيب والصورة النمطية تجاه بعض المهن بالإضافة الى ان ليس هناك تطوير لنظام العمل السعودي ليجعل بيئة العمل جاذبة وليست طاردة، وعلى الجانب الآخر أكد البعض تفاؤله مستندين على البرامج التي تبنتها وزارة العمل مؤخرا (نطاقات، حافز، لقاءات...) وكذلك على النمو الاقتصادي الذي نعيشه الفترة الحالية مما سينعكس ايجابا على نمو القطاع الخاص وبالتالي نسب التوظيف. نتفق جميعا أن أي وطني يأمل تحقيق نسب سعودة مرتفعة وان تنخفض نسبة البطالة من 10.5 بالمئة حاليا الى نصف ذلك وأقل ولكن ما نيل المطالب بالتمني، فعلى أرض الواقع هناك عوامل عديدة تؤثر سلبا (سوف أتناولها بمقال قادم) ، وبناء على معدلات التوظيف التي شهدناها في 2011 تجعلني أتوقع أن تحقيق هذا الرقم صعب وليس مستحيلا. في تقديري أن على وزارة العمل أن تفكر (خارج الصندوق) وتقلب المعادلة بتحويل الباحث عن عمل الى صاحب عمل عبر إعداد دراسات لمشاريع صغيرة وتمويلها عبر صندوق تنمية الموارد البشرية وبعد ذلك تمنح للباحثين عن عمل عبر برنامج حافز بدلا أن ندفع بهم جميعا للعمل بالقطاع الخاص، فتوسيع قاعدة أصحاب المشاريع الصغيرة ودعمها المالي والمعرفي سيساهم في تحقيق طموح الوزير وأمل الوطني. [email protected]