تأوي أرملة سبعينية أنهكها المرض، وتكالبت عليها أوجاع الشيخوخة مع بناتها الثلاث إلى خيمة من الشعر، لا ماء ولا طعام ولا دواء، بعد أن كن كغيرهن من أبناء البادية يسكن الخيام ويرعين الماشية. فمع قدوم التطور والتحول إلى سكنى القرى والبيوت الحديثة، بقيت العائلة تقطن الصحراء بسبب ظروف عائلها الذي أعاقه كبر السن والمرض وقلة ذات اليد من مجاراة تغيرات الحياة، ولم يلبث أن صرعه الموت تاركاً زوجته وبناته الثلاث التي تجتاز صغراهن عقدها الرابع. تطاول العمر بالخيمة فاهترأت وأصبحت لا تقي أبدانهن الكليلة من حر أو برد، لا سيما إذا جمحت الصحراء بعواصفها ولظاها، وفي الليل يشتد بهم الجزع فتتلاقى أجسادهم المرتعدة في عتمة الظلام بأحد أركان الخيمة كل منهن تلوذ بالأخرى، تنحصر آمالهن في توفير منزل يؤويهن من غوائل البرد ويقيهن شر المتربصين.