تنص السياسة العليا للتعليم في المملكة أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية واستخدام اللغة الإنجليزية في تدريس بعض التخصصات في التعليم العالي استثناء تقتضيه الضرورة التنموية لتكوين نخب قادرة على الاستفادة من الإنتاج المعرفي المتقدم المتوفر بالإنجليزية لدعم النشاط العلمي والاقتصادي. التجربة في هذا المجال تبين أن الإنجليزية تشكل عائقا حقيقيا لعدد كبير من الطلاب والطالبات في الجامعات السعودية حيث تمثل سببا في انخفاض المعدلات الدراسية والتسرب من الجامعة والضغوط النفسية. ضعف الطلاب في الإنجليزية في الجامعة نتيجة متوقعة لضعف إعدادهم في التعليم العام وتستمر هذه المشكلة في الدراسات العليا إذ يفشل كثيرون من المعيدين والمعيدات في تحقيق الدرجات المطلوبة في اختبارات التوفل والآيلتس ويحتاجون إلى إعداد سنة أو سنتين على الأقل قبل أن يبدؤوا دراسة التخصص. وهذا ينطبق على معظم المبتعثين في برنامج خادم الحرمين الشريفين إلى الدول الناطقة بالإنجليزية. هناك جملة من الإشكالات تتعلق ببرامج الإنجليزية الإعدادية للدراسة الجامعية أولها تضخم الأعداد داخل الشعب يصل أحيانا إلى 60 طالبا حيث وضعت الجامعات نفسها وخصوصا الناشئة منها في تحدٍ أمام المجتمع بقبول أعدادا كبيرة على حساب جودة البرامج الأكاديمية. تعاني هذه البرامج أيضا من نقص في أعداد الأساتذة المتميزين واضطراب في اختيار المادة العلمية ولو طبقت المعايير الصحيحة فلن يجتاز هذه البرامج إلا العدد القليل من الطلاب الذين يمكن أن يخوضوا غمار تخصصاتهم العلمية التي تدرس بالإنجليزية. هناك تجارب محلية رائدة جديرة بالتأمل أبرزها جامعة الملك فهد للبترول والمعادن فهي أنموذج في التزامها بمعايير عالية تتمثل في قبول الطلاب المتميزين وتوفير متحدثين أصليين وبناء مناهج متطورة لتعليم الإنجليزية لأغراض علمية. شركة أرامكو وهي بيت الخبرات المتعددة لديها مركز متقدم جدا في الإعداد للدراسة الجامعية (CPC) مصنف ضمن أفضل المراكز على مستوى العالم وقد زرته ورأيت ما أدهشني من إمكانات بشرية ومادية وبيئة تحفز على الإبداع والإنتاج، وحذت حذوها الكليات الصناعية التابعة للهيئة الملكية بالجبيل وينبع. جامعة الملك سعود بدأت تتدارك الوضع في الفترة الأخيرة وتعود لسابق عهدها في استقطاب أفضل الكفاءات فلا مجال لأنصاف الحلول إذا أردنا أن ننافس في عصر اقتصاد المعرفة.. لابد من إعادة النظر في معايير القبول وبرامج السنة التحضيرية في الجامعات كي نهيئ الطلاب للدراسة الجامعية والحياة العملية. وحتى ذلك الحين يجب إيجاد بدائل لتحسين مهارات طلابنا في الإنجليزية أهمها تشجيع محاولات التعلم الذاتي بالاستعانة بالتقنيات المتنقلة في زمن يحتم على الفرد أن يكون مسؤولا عن تطوير قدراته لضمان مستقبل أفضل. Facebook.com/salhazmi1