تتمحور فكرة السوق الخليجية المشتركة حول تكريس المواطنة الاقتصادية الخليجية، وتقوم على مبدأ أساس تمتع مواطني دول المجلس الطبيعيين والاعتباريين بالمعاملة الوطنية في أية دولة عضو، بحيث تمنح لهم جميع المزايا التي تمنح للمواطنين في جميع المجالات الاقتصادية. وفي الاستراتيجية التكاملية لدول المجلس يتوقع أن تحتل السوق موقعها ضمن الاقتصاديات الكبيرة في العالم، بارتكازها على قاعدة سكانية بحجم خمسة وأربعين مليون نسمة، وناتج قومي تجاوز الترليون دولار في العام 2010 ، وتجارة خارجية اقتربت من 900 مليار دولار في العام ذاته. وضمن تقرير أعدته إدارة الإحصاء بقطاع المعلومات بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يظهر تنامي وترسخ السوق الخليجية المشتركة، من حيث تزايد أعداد المستفيدين من قراراتها، مما ينعكس بشكل مباشر على واقع التكامل الجديد في مجلس التعاون ، والذي تمثل السوق الخليجية المشتركة أحد أهم مظاهره، وربما أكثرها ارتباطا بالمواطن، حيث إن فكرة السوق تتمحور في مجال السماح بتملك مواطني دول المجلس للعقار في الدول الأعضاء الأخرى، الذي هو أحد المسارات العشرة للسوق الخليجية المشتركة التي حددتها الاتفاقية الاقتصادية لعام 2001، فإن البيانات الإحصائية تظهر أن تملك مواطني دول المجلس للعقار في الدول الأعضاء الأخرى قد ارتفع خلال عام 2010م ليبلغ 10657 حالة تملك، وبنسبة زيادة قدرها 12.7 % مقارنة بالعام 2009 ، الذي سجلت فيه 9457 حالة تملك ،كما تظهر البيانات ارتفاع الإجمالي التراكمي لحالات شراء العقار ليبلغ 77804 في نهاية عام 2010 ، مقارنة ب 67416 حالة تملك في نهاية عام 2009. أما في مجال مساواة المواطنين العاملين في القطاعين الحكومي والأهلي بالدول الأعضاء الأخرى، فتظهر الإحصائيات أن ما يزيد على 37 ألف مواطن من دول مجلس التعاون يعملون في الدول الأعضاء الأخرى . وتبين الإحصائيات كذلك زيادة مطردة في أعداد مواطني دول التعاون العاملين في القطاع الأهلي بالدول الأعضاء الأخرى، حيث ارتفع العدد من حوالى 6279 موظفا في العام 1995 إلي حوالى 10782 موظفا في العام 2000 ، ثم إلى 14328 موظفا في العام 2005 ليصل العدد إلى 21351 موظفا في العام 2010. وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الأعلى قد قرر في ديسمبر 2004 أن تلتزم كل دولة بمد مظلة الحماية التأمينية لمواطنيها العاملين في دول المجلس الأخرى، في القطاعين العام والخاص، بحيث يكون التطبيق اختيارا لمدة سنة واحدة تبدأ من يناير 2005، وإلزاميا من أول يناير 2006 . ولقد يسر هذا القرار انتقال المواطنين للعمل في الدول الأعضاء الأخرى. في مجال تنقل وإقامة المواطنين، فلقد أصبح المواطنون يتنقلون بيسر وباستخدام البطاقة الذكية. أما فيما يخص المساواة في التعليم، الذي هو الآخر أحد مسارات السوق المشتركة، فلقد وافق المجلس الأعلى في نوفمبر 1985 على معاملة الطلبة في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية معاملة الطلبة أبناء دول المجلس في الدولة التي يدرسون فيها، كما وافق على معاملة الشهادات الدراسية الصادرة من دول المجلس معاملة الدولة التي تتم فيها المعاملة. وفيما يتصل بالمسار الخاص بمزاولة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، حيث تم السماح في ديسمبر 2000 بممارسة جميع الأنشطة الاقتصادية والمهن باستثناء 17 نشاطا، تم تقليصها تدريجيا حتى أصبحت محصورة في أربعة أنشطة هي خدمات الحج والعمرة ، ومكاتب استقدام العمالة الأجنبية، وإنشاء الصحف والمجلات ودور الطباعة والنشر، والوكالات التجارية، فالملاحظ أن الأعوام الماضية شهدت تصاعدا ملحوظا في أعداد المستفيدين من هذه القرارات حيث بلغ العدد التراكمي للرخص الممنوحة لمواطني دول المجلس لممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية أكثر من 32 ألف رخصة حتى عام 2010 . وفي مجال تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات المساهمة، فلقد بلغ عدد الشركات المساهمة المسموح تداول أسهمها لمواطني دول المجلس 652 شركة مساهمة في 2010 ، وبرأسمال يصل إلى حوالى 213 مليار دولار . أما عدد المساهمين من مواطني دول المجلس في هذه الشركات فلقد بلغ حوالى 527 ألف مساهم في العام 2010. وبحسب الإحصائيات الصادرة من قطاع المعلومات بالأمانة العامة لمجلس التعاون فإن قيام الاتحاد الجمركي في يناير 2003 ، والسوق الخليجية المشتركة، في يناير 2008 ، انعكس إيجابا على حجم التجارة البينية لدول المجلس، والذي قفز من 15 مليارا في العام 2002 ، أي العام السابق لقيام الاتحاد الجمركي إلى حوالى 20 مليارا في العام 2003 . كما عزز قيام السوق الخليجية المشتركة من حجم التجارة البينية، التي تواصل ارتفاع قيمة حجمها ليصل إلى ما يربو على 65 مليار دولار في العام 2010 .