عندما تدخل قرية الباحة التراثية، تجد أمامك الساحة الخارجية ذات الممرات الفسيحة، فيعطيك ذلك صورة «بانورامية» لما تحتويه القرية من مشاهد خلابة ومناظر تبهر العين وكأنك تزور المنطقة بنفسها لا قريتها في الجنادرية، فتتمتع وأنت داخل القرية بذلك الطابع العمراني المبهر الذي تشتهر به المنطقة ولاحظه زائروها بشكل لافت. تستقبلك القرية التراثية بالقهوة والشاي وعازف الربابة، ويلفت نظرك أرضية القرية المرصوفة بالحجر الطبيعي والأبيض منه «المرو»، وشاشة العرض العملاقة التي تعرض مشاهد للمنطقة وتراثها وفنونها وأهم المواقع التراثية فيها. كما تشاهد وأنت تدلف إلى داخل القرية صالة العرض الرئيسة، والجلسات الشعبية، والمسرح المفتوح، ومدرجاته الصخرية المصنوعة من الحجر المجلوب من جبال المنطقة الذي تتميز به الباحة، وتشاهد البئر التراثية التي تتمتع بالوقوف أمامها خاصة بعد إعادة ترميمها هذا العام، وذلك الشلال الذي تشعر بجواره بالانبهار، إضافة المطعم الشعبي الذي يحوي كل المأكولات الشعبية التي تعبر عن المنطقة وأهلها وكرمهم، مثل: الخبزة، الدغابيس، والعصيدة، إضافة إلى وجود أركان لعدد من الإدارات الحكومية، مثل: أمانة الباحة، وجامعة الباحة، وكلية الباحة الأهلية، وإدارة المياه، وإدارة التربية والتعليم، وإدارة الطرق، وهيئة الآثار السياحة. تلك المناظر الطبيعية التي تشعرك وكأنك سافرت إلى الباحة، لم تخل من الحرف والصناعات اليدوية، والأواني الخشبية والآلات القديمة، والتحف والمجسمات التي تشتهر بها المنطقة، إضافة إلى الفنون الشعبية المتميزة التي أوقفت الكثير من الزائرين أمامها، مثل: العرضة، الربابة، المجس، الشعر الشعبي، والقصائد الوطنية. كما أنك تجد داخل القرية المتحف الذي يضم الكثير من القطع الأثرية القديمة: مثل الأسلحة، وأدوات الزراعة، والزينة للنساء، والمشغولات اليدوية وسفر الطعام والزنابيل والمكتل والكبعات والمجاش التي تستعمل للنظافة، والأدوات الفخارية، والصحون، والطيس، والدلال والملابس القديمة الصوفية. ويبهرك نموذج الحصنين من الحجر اللذين يعدان بوابة للباحة، والمجسمات والصور التي التقطت للعديد من المشروعات التنموية في منطقة الباحة، مثل: صور للمنطقة المركزية للباحة، الطريق الدائري الجديد في المنطقة، المدينة الجامعية، المشاريع التعليمية. إقبال كبير التقينا بعد ذلك برئيس وفد الباحة في الجنادرية عبدالله محمد يعن الله، الذي أكد أن الأيام الماضية شهدت قرية الباحة إقبالا منقطع النظير من زائري الجنادرية، وبقي بعضهم داخل القرية لساعات طوال، لما تحتويه من برامج وأنشطة لفتت الانتباه، مشيرا إلى أن القسم النسائي في القرية شهد إقبالا كبيرا خاصة أن به العديد من الأنشطة مثل: تجهيز العرائس وبعض المشغولات والحلي والمأكولات الشعبية، كما أن نشاطات القرية كان لها تأثيرا كبيرا في إعجاب جميع الزوار، موضحا أن تطوير المرحلة الثانية من قرية الباحة التراثية استغرق مدة لا تزيد على 40 يوما من قبل أحد المقاولين في المنطقة، مبينا أنها فترة وجيزة مقارنة بالآخرين الذين أجمعوا على أنه لا يمكن إنجازها إلا في مدة لا تقل عن ستة أشهر. تحسينات مستمرة وفي حديثه ل «عكاظ»، قال وكيل إمارة منطقة الباحة الدكتور حامد بن مالح الشمري: أن القرية شهدت هذا العام تطورا كبيرا، حيث بدأ الاستعداد لها منذ وقت مبكر بسلسلة من الاجتماعات. وأشار الشمري في حديثه ل «عكاظ» إلى أن التحسينات في القرية سارت وفق مسارين: إنشاء صالة لعرض المشاريع التنموية في المنطقة، ومسرح للفعاليات الشعبية بمدرجات من الحجر من تراث المنطقة وتتسع لما يزيد عن 2000 متفرج. وأوضح أن مطعم الأكلات الشعبية للباحة الذي كان في ساحة البيت تم نقله إلى مكان آخر بعد تطويره، ليعطي المتواجدين في الساحة رؤية أوضح وأشمل للقرية، التي تم تحسين ممراتها، مبينا أن تلك التحسينات حظيت بقبول الزائرين واستحسان الكثير، مؤكدا أنها التحسينات للقرية سوف تستمر في الأعوام المقبلة. وألمح الشمري إلى النادي الأدبي في الباحة يشارك لأول مرة، وجمعية الثقافة والفنون لعرض تراث المنطقة الشعبي، والفرق الشعبية في تهامة والسرات والبادية، إضافة لوجود مركز إعلامي، وفعاليات نسائية في الجزء المخصص لها في «بيت الباحة» لعرض تراث المنطقة وموروثها القديم. وأكد الشمري أن قرية الباحة التراثية حظيت بمتابعة واهتمام وتوجيهات من سمو أمير المنطقة صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز، الذي أمر أن تكون مشاركة المنطقة بإظهار التراث الأصيل لأهالي الباحة والمنطقة. مقدما شكره لكل من ساهم في في هذا العمل الكبير خاصة أمانة الباحة وجامعة الباحة وإدارة المياه والغرفة التجارية الصناعية. عرض التراث أما مساعد مدير عام خدمات المنطقة صالح القلطي، فأوضح أن القرية بطرازها الجديد هذا العام تعبر بشكل أكبر عن منطقة الباحة وتراثها وفنونها، مشيرا إلى أن التعاون الكبير والتفاهم المستمر بين الإمارة والأمانة والدوائر الحكومية ساهم كثيرا في التفوق الذي شهدته القرية ولمسه كل الزائرين لها، مؤكدا أن من يزور القرية يلفت انتباهه ما تحمله المنطقة من إرث تاريخي إلى أزمان قديمة، حيث تعرف الكثير من الزائرين من غير أبناء المنطقة على ذلك الإرث التاريخي الذي تميزت به المنطقة.