قال تعالى في كتابه الكريم: ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) إن العلاقة بين الزوجين تعد من أسمى العلاقات الإنسانية حيث إنها تحوي أسمى الصفات الوجدانية (السكن والمودة والرحمة). ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف نرتقي بهذه العلاقة الزوجية إلى المعنى المقصود في هذه الآية الكريمة ويتحقق ذلك من خلال أربعة عوامل أساسية هي كالآتي: أولا: أن تحوي هذه العلاقة «شيئا» من الحب والعطف والحنان. ثانيا: على كل من الزوجين أن يتحمل.. بل ويتقبل الآخر. ثالثا: الصبر على الطرف الآخر. رابعا: الحرص على مشاركة ومراعاة الطرف الآخر أحاسيسه ومشاعره. فحينما يقال (شيء من الحب والعطف والحنان) فيقصد به الاعتدال في ذلك، بمعنى أن لا يتم المبالغة والمغالاة في منح الزوج أو الزوجة هذه المشاعر، وذلك من أجل أن لا يصل الزوج أو الزوجة إلى مرحلة ما تسمى «التمرد العاطفي» مما يصيب الشخص نفسه بالفتور والملل عاطفيا من الطرف الآخر. وفي المقابل يجب أن لا يقوم بحرمان الطرف الآخر من هذه المشاعر كليا، حيث إن ذلك يسهم وبصورة مباشرة في تزايد التنافر فيما بينهما مما يؤدي إلى فشل العلاقة الزوجية. كما يجب على كل زوج أو زوجة أن يتقبل الطرف الآخر بسلبياته وإيجابياته، بل ويتقبل الحياة معه بحلوها ومرها، فذلك يسهم وبشكل مباشر في اندماج شخصيتي الزوجين وتوأمة عواطفهما وتجدد أحاسيسهما. إن من أهم الواجبات المترتبة على كل من الزوج أو الزوجة هو الصبر على الطرف الآخر فلا أحد منا خال من الخطأ، كما جاء في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» أو كما قال .. كما أن الله سبحانه وتعالى بعظمته وجلالة قدره يغفر الذنوب جميعا لعباده.. فكيف بنا نحن البشر.. وأقل ما يكافأ به أحد الطرفين، يكون بالتقرب منه أكثر فأكثر والعمل على تدعيم إيجابياته وتشجيعه شيئا فشيئا إلى أن يصبح شخصية نموذجية كما تريد أن يكون.. أحبتي.. فلنتفكر جميعا في هذه الآية الكريمة حيث إنها لخصت أسرار السعادة الزوجية بصورة موجزة ودقيقة تجلت لنا فيها بلاغة وعظمة وإعجاز القرآن الكريم. هشام بن أحمد آل طعيمة