اكتفى قاضي المحكمة الجزئية في جدة بإصدار حكم يقضي بسجن أب ستة أشهر وجلده 120 سوطا، استنادا إلى (الشبهة القوية) بعد أن عجز المدعي العام عن تقديم الدليل والبينة المطلوبة التي تثبت تورط الأب في تعنيف طفلته الرضيعة والتسبب في إصابتها في البطن، الكبد، الطحال، الغدة الكظرية، مع حدوث نزيف دموي داخلي في البطن، تجمع سوائل أسفل الرئة اليمنى، أنيميا ناتجة عن النزيف وهبوط في الوظائف الحيوية. واعترض الأب على الحكم وقدم لائحة اعتراض أمام محكمة الاستئناف، وبدورها درست القضية ثم قررت تأييد الحكم ليكتسب القطعية ويصبح واجب النفاذ. وجاء في صك الحكم -حصلت «عكاظ» على نسخة منه- أن المدعي العام حرر لائحة اتهام ضد والد الطفلة (رنا) البالغة من العمر عامين، جاء فيها أن التحقيق أسفر عن توجيه الاتهام للأب بالتعدي على ابنته، وذلك للأدلة والقرائن المسرودة في ملف القضية. ووصف المدعي العام ما أقدم عليه الأب بأنه فعل محرم ومعاقب عليه شرعا، مطالبا إثبات ما أسند إليه والحكم عليه بعقوبة تعزيرية رادعة لسواه، لتعديه على الرضيعة وإصابتها، ورد الأب على التهمة بنفيه التام، وقال «إن ما جاء في دعوى المدعي العام من حيث التعدي على ابنتي (رنا) والتسبب في إصابتها بالإصابات البليغة المذكورة غير صحيح» وزاد «إن الإصابة التي لحقت بالطفلة كان بسبب سقوطها من على الكرسي». وسأل القاضي المدعي العام: هل لديك بينة تثبت دعواك؟ فأجاب «لا بينة لدي سوى ما جاء في الأوراق» وطلب إجراء الوجه الشرعي، ثم طلبت المحكمة مثول الأم للاستماع لإفادتها، وطالبت ببقاء أولادها لديها، متهمة طليقها بتعذيب طفلتها». واطلعت المحكمة على الأوراق، فوجدت في طياتها التقرير الطبي الصادر من إدارة الطب الشرعي في مديرية الشؤون الصحية في جدة، وتضمن أن الطفلة تعرضت لإصابات المتعددة، إضافة إلى تشخيص كسر قديم وغير معالج بالعضد الأيسر، مما يستبعد حدوث هذه الإصابات نتيجة السقوط العادي. وخلصت المحكمة إلى أنه بناء على إجابة الأب وإنكاره، وعجزه عن إثبات دعواه، وأخذ طفلته عنوة وبقيت لديه 17 يوما، وكون أنه رد بأن ابنته سقطت عن كرسي طاولة نصف متر تقريبا على أرض رخامية، مما يستبعد حصول الإصابات المذكورة بمجرد سقوطها عن الكرسي، مما يدل على خداع وكذب الأب ومراوغته، إذ إن الإصابة -على حسب زعم الأب- يحتمل أن تكون كسرا أو رضوضا، ويستبعد أن يحصل بسببها تهتك في الطحال أو الكبد أو تجمع دموي فوق الكلية وفي الدماغ، مما يؤكد أن في فعل الأب إيذاء لنفس معصومة وفي الاعتداء عليها تجردا من الإنسانية، ولو كان هذا المعتدي هو أباها، لا سيما أنها دخلت العناية المركزة وشارفت على الموت، ولم تكن في تلك الأيام إلا مع والدها ولم يذكر أنها ذهبت إلى أحد أقاربها مما يعزز التهمة في حقه، لذلك ثبت للمحكمة توجه الشبهة القوية في حق الأب باعتدائه على ابنته، وحكمت عليه بسجنه ستة أشهر تعزيزا وجلده 120 جلدة مفرقة على جميع بدنه علنا في مكان عام موزعة على فترتين؛ كل فترة 60 سوطا وما بين كل فترة والأخرى عشرة أيام، ولا يزورها أو تزوره إلا تحت الوصية والإشراف. ووافقت الأم والمدعي العام على الحكم في حين رفض الأب وطلب حق الاستئناف وأجيب لطلبه، الا أن محكمة الاستئناف درست الحكم وقررت تأييده ليكتسب القطعية. من جهته، قال المحامي والمستشار القانوني سعد بن مسفر المالكي «إن البينة في مثل هذه الحالات يصعب تقديمها من قبل المدعي العام، إلا أن المحكمة استندت في الإدانة بالشبهة إلى أن الطفلة وقت تعرضها للإصابة كانت بمعية والدها، وبالتالي يصبح مسؤولا عن حمايتها والمحافظة عليها». وطالبت الدكتورة رفعة المطيري أخصائي الطب النفسي، بالعمل على الحد من حالات العنف حتى لا تتحول إلى ثقافة مجتمع، وقالت «هناك جهل كبير من بعض الأسر في الإبلاغ عن حالات العنف والإيذاء، فيما تفضل بعض الأسر التعامل بصمت مع قضايا العنف». وبين مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة عبدالله آل طاوي أن وحدة الحماية الاجتماعية تتولى معالجة قضايا العنف الأسري..