كثيرون قد لا يعلمون إلى أي مدى هو مهم أمر أن نتعرف على من يترجم العلاقة بيننا والوطن والأرض.. شاعر الوطن الذي يكتب هذه العلاقة، وفي ظني أن من تغيب عنه هذه المعلومة كما لو أنه أضاع كل شيء، استغرب فعلا أن لا يعلم أحدهم من هو هذا المبدع الذي صور وترجم هذه العلاقة. الخلاصة أن عودة إبراهيم خفاجي شاعرنا الكبير للمنصات وأمام وبين يدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يوم الأربعاء ما بعد المقبل في افتتاح الجنادية أمر فيه الكثير من المعاني بالنسبة لنا نحن أهل الشعر والفن، إذ يكرم كبيرنا الذي تعلمنا منه ما الغناء وما التفعيلة وكيف يموسق الشعر بل وكيف أن الشعر إذا لم يأت مموسقا بطبيعته ليس حريا به أن يقال له شعر. هذا هو الخفاجي الذي سيسعد تاريخه الإبداعي يوم يتسلم من الملك عبدالله وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى. لتسكت بعض الأبواق المدعية أن الفنان والمبدع لا يكرم عندنا إلا بعد رحيله. في رأيي تجيء هذه البادرة كمشروع ليس بالاستثنائي تجاه كل من قدم ويقدم لهذه البلاد عصارة جهده وعمره حبا مضاعفا.. وعندما قال عنه محمد عبده مرة إنه علمنا الحب، لا أعتقد أنه جانب الحقيقة في ذلك الوصف. وعني شخصيا أقول إن مكة ومبدعيها هم من رعى موهبتي في البدء عندما حملني أستاذي الراحل لطفي زيني إليهم ليقدموا لي ما يدل على البدايات للانطلاق، ولكني كنت محظوظا أو أن نجمي كان قد اتفق في تلك المرحلة مع أستاذنا الراحل عبدالرحمن حجازي رحمه الله وأستاذي الملحن الكبير جميل محمود اللذين قدما لي «أهل المثل قالوا» وأخواتها من أغاني تلك البدايات. ولكن لم تكن التسعينات الميلادية قد أطلت برأسها إلا وحظيت بنص من أستاذنا الخفاجي من ألحان الراحل محمد شفيق «الحل». الأمر الذي كان بمثابة مصدر من مصادر السعادة لي.