الحمد لله وحده وبعد: هل وصل الأمر لأن لا يكابر أحد في أن أوضاع القضاة ليست مشجعة على مستوياتهم الفردية والمؤسسية والاقتصادية والعملية. وهل يبدو للعيان أن يأسا من الإصلاح قد تفشى وضرب بدهنه في كيانهم. وهل الجهود التي تبذل لحل الإشكالات ما زالت لا تذكر وتعالج الأعراض ولا تنفذ لعمق الأزمات؟ وهل عندما تكون الأزمة مصيرية لا يقف أحد ليتساءل: ما هي المعطيات البديهية التي أنشأت لنا هذا الواقع القضائي وكيفته؟ ربما هذه الأسئلة لايدرك مراميها إلا من أعنيهم وللإجابة بشفافية: لنخلق الأجواء الضرورية التي بإمكانها أن تؤدي دورا مهما لأن تجيب على هذه التساؤلات، ولقد تحدثت عن قنوات ذلك في مقالات سابقة وذكرت بأنه يوجد العديد من القطاعات التي اهتمت بتعزيز هذه الجوانب التي تنطلق من الذات مع تفاوت في مردودها من قطاع وآخر. شركة أرامكو والقطاعات العسكرية تؤمن بأفرادها وتثق فيهم واستثمرت في إنسانها وكيانه وصرفت جزءا من مواردها في سبيل تنميته عبر برامج «رحلة الأفكار» وعبر مراكزها وأنديتها الثقافية، ولا أنسى أيام الطفولة عندما كان والدي يأخذني بمعيته لنادي الضباط في تبوك لحضور بعض الفعاليات الثقافية والاجتماعية، وإنني أتساءل ما المشكلة في نقل هذه التجربة من أكثر الأجهزة الحكومية أهمية الجهاز العسكري إلى أكثرها كذلك الجهاز القضائي. الفرصة الآن مواتية لإنشاء مؤسسة لها كيانها الاعتباري واقترحت بالنظر إلى مؤسسات نظيرة في الدول العالمية أن ترتبط بشكل ما بأنشطة ديوان خادم الحرمين الشريفين الاجتماعية، ارتباطا فخريا يسبغ عليها من الاهتمام ما يعلي شأنها، وتقدم كل سنة تقريرها برؤيتها وفعالياتها في المجتمع وعن التقدم الحاصل في منسوبيها، ويكون لها فروع ولها آليتها الشفافة، وتشجع إنشاء مراكز ثقافية في المناطق وتحتوي على مكتبة بحثية تحوي المراجع المتخصصة وقاعات الاجتماعات والتدريب وخدمات الترجمة المتصلة بمراكز البحث في الداخل والخارج وتنقل مؤتمرات (Video Conferencing) عبر الألياف الضوئية. ولها فعالياتها التبشيرية بتحكيم الشريعة في الداخل والخارج، وتؤسس كراسي البحث في الجامعات العريقة وتوفد القضاة لاطلاع العالم على تجربتنا، وكذلك مؤسسة داعمة للرفع من مستوى القاضي المعيشي والاجتماعي ببرامج خاصة. وعلى هذا جرى التوقيع.. وسننهض في لقاء آخر.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد. * القاضي في محكمة تبوك العامة [email protected]