تعيش في رغد من العيش، فكل ما تشتهيه نفسها من مآكل ومشارب وألبسة تجده بين يديها، إن زوجها ثري جواد يغدق ولا يبخل مبتغيا إسعادها، غير أنها لم تذق طعم السعادة الزوجية كما تذكر ذلك لمن تبثه شكواها. طوت الأيام صفحات من حياتها وهي لم تسمع إلا قليلا من زوجها عبارات وداد وحب تحرك وجدانها وينطق بها قلب الزوج قبل لسانه. لقد سمعت قصص الكثير من الزوجات اللاتي أحببنا أزواجهن حتى أخذ الحب بمجامع قلوبهن، ولكن من نروي معاناتها لا تجد ما تتهامس به الزوجات إذا التقينا من أخبار حبهن لأزواجهن حتى أنها قليلا ما تذوق ظمأ الشوق إلى زوجها كلما سافر مع كثرة أسفاره، إن آلامها تزداد وتتشعب بها في ليالي الأحزان. أحبتي القراء هذه معاناة زوجة ظن زوجها أن إسعادها مقصور على مأكل وملبس ومسكن، وغفل عن كون جانب الوجدان له أبلغ التأثير في غرس المودة والمحبة في نفس الزوجة تجاه زوجها. إن كلمة تودد حانية تصدر من قلب زوج رؤوف بزوجته أعظم قدرا وأفخم هبة في فؤاد الزوجة من تحف الذهب والفضة وجميل اللباس. إن نظرة مودة من عيني الزوج إلى زوجته يرسم فيها سبل عناق الأرواح وتآلف القلوب وما أنفع تلك النظرة إذا قرنها الزوج الموفق بابتسامة تهمس بالمودة وكلمة حانية تبني جسور الوصال الروحاني.. وتفكر أخي القارئ لماذا جعل النبي عليه الصلاة والسلام الكلمة الطيبة صدقة كما صح عنه، ولماذا جعل تبسم المسلم في وجه أخيه صدقة كما صح عنه، ولماذا جعل من صناعة المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق كما صح عنه عليه الصلاة والسلام.. إنك ببصيرتك ستبصر أنه عليه الصلاة والسلام أرشدك إلى ما تستهوي به قلوب من حولك، فتأمل أنه قال (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، فأحق الناس بأن تستهوي فؤاده هي زوجتك. وكم من زوجين يعيشان مرارة الفقر الظاهر فلا دار واسعة ولا شقة فارهة ولا مأكل وملبس فاخر ولكنهما يعيشان سعادة قوامها مودة ورحمة يشعران أنهما في أحسن الدور سكنى ويجدان بها رغد العيش وحلاوة الدنيا في طاعة الله سبحانه. إن ثناء الرجل على زوجته بما فيها من خصال الخير من هدي النبي صلى الله عليه وسلم فقد أثنى على أمنا عائشة رضي الله عنها بل اختصها بثاء خاص ففي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم «قال فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام»، فيحسن بك أيها الزوج الموفق أن تأخذ بمفاتيح قلب زوجتك ومن تلك المفاتيح جمل الثناء على ما اطلعت عليه من حسن فعالها وصفاتها الخلقية والخلقية، بل أقول حتى لو نفرت نفس زوج ما من سوء خلق زوجته فجدير به أن يجعل من أسلوب الثناء داعيا لها إلى التحلي بحسن الخلق فللثناء أثر في تهذيب أخلاق المخاطب وتطييب قلبه وجبر خاطره واستلال الضغائن من نفسه. أسعدني الله وإياكم وجعل بيوتنا رياض مودة ورحمة ومحبة. * المشرف العام على الدعوة والإرشاد بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمدينة المنورة. [email protected]