أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد المسلمين بعدم التعجل في الطلاق عندما تحصل المشاكل الزوجية، وقال: «إن الزوجين شريكان لا غريمان فتعاونهما تبادل للمصالح بينهما ولا مانع أي يختلفا في بعض الأحيان في تقدير المصلحة ورجحان رأي على آخر عن تشاور منهما وتراض ولكن يجب ألا يختلفا عن المصلحة العليا وتقديرها فيجب على الأسره الحفاظ على الهدوء والتسامح والحوار الهادئ الهادف إلى المصلحة العليا للأسرة». وأكد الشيخ ابن حميد في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في المسجد الحرام «قضية الأسرة ومشكلاتها من أهم القضايا وأن مما يؤسف له أن الناس في بيوتهم والأزواج في مشكلاتهم ليس له تفسير في العلاج إلا بالطلاق»، وزاد «التسرع في إيقاع الطلاق من غير ترو ولا فهم للبواعث ودراسة للآثار والتبعات فالتسرع يورث الاكتئاب والانعزال واليأس والإعراض وتتوالد الأفكار والخواطر والشكوك والوساوس فيفقد صاحبه الاتزان في التصرف والعدل في الحكم المتسرع لا يتسم بالثبات والاستقرار بل بالتقلب وعدم الرصانة والتوازن الاجتماعي، فالطلاق المتسرع زلزال يهدم أركان الأسرة ويشتت أفرادها، والطلاق المتسرع يثير العداوة بين الزوجين والأطفال ويكبر الفجوة فيما بينهم فيشعر الأطفال خصوصا بالإهمال والقصور وفقدان الحب وعدم الاهتمام من المحيطين بهم ومن المجتمع». وفي المدينةالمنورة دعا إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم إلى سلامة وطهارة القلوب من الحسد والغل، وقال «طهارة القلب شرط لدخول الجنة»، وأضاف «مما يصلح القلوب أن لزوم جماعة المسلمين، والحجاب ومجالسة الصالحين وحفظ اللسان نقاء، والبعد عن الفتن، وطهارة الظاهر متممة لطهارة الباطن، فالإسلام اهتم بطهارة جسد الإنسان منذ ولادته وحتى وفاته»، مبينا في خطبة الجمعة في المسجد النبوي أمس، أن من طهارة الإنسان من خلال قص الظفر وحلق شعر الرأس والإبط والعانة، وكذلك نظافة الدور والمساجد، وأشار إلى أن دين الإسلام دين الكمال والجمال وأمر بطهارة البدن، والزكاة تطهر القلب وتنيره، والوضوء دواء للقلوب والجوارح، ومن أضاف إلى طهوره كلمة التوحيد فتحت له أبواب الجنة الثمانية. لجنة طوارئ وحول مضامين خطبة المسجد الحرام، أوضح ل «عكاظ» الدكتور أسامة الصبة أستاذ كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى، أن هذا الموضع هي مواضيع الساعة فنتمنى من الخطباء وأئمة المساجد أن يسلكوا مسلك أئمة الحرم في معالجة هذه القضايا المهمة جدا، وقال «إننا في حاجة إلى علماء الشريعة والنفس والتربية والاجتماع في منتدياتنا وفي مجالسنا فنحن في حاجة إلى لجنة طوارئ تحل المشكلات الأسرية التي غصت بها المحاكم، أتمنى أن نلتفت إلى الوضع الأسري من القاعدة وأن تكون هناك قرارات هامة وقوية لإصلاح هذا الوضع». أما الدكتور سامي اللحياني أخصائي نفس أول في الشؤون الصحية بمنطقة مكةالمكرمة فقال: «للطلاق خطورة على المجتمع والأبناء والزوجين والأسرة عموما حيث يؤدي إلى عدم الاستقرار النفسي لهم ويحدث الاضطرابات النفسية والانفعالية الحادة والأمراض النفسية كالقلق والاكتئاب والشعور بعقدة الذنب وتأنيب الضمير، وكل هذه العوامل ناتجة عن الطلاق ويؤثر الطلاق خصوصا على شخصيات الأطفال ويجعل مشاعرهم غير مستقرة وتمتد آثاره على حياتهم الزوجية». العلاج التربوي وفي المدينةالمنورة، أوضح الدكتور علاء بن يوسف الغامدي الأستاذ المساعد بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة طيبة، أن العلاج من داء القلوب من الناحية التربوية يعتمد على شقين الشق النظري والشق العملي، فالشق النظري يتطلب وجوب الخوف من الله والتسليم بقضائه، والبعد عن الحسد، أما الشق العملي فقراءة القرآن الكريم، وإفشاء السلام، والانشغال بالنفس، والدعاء للناس في ظهر الغيب، والتحبب للآخرين وزيارتهم والسؤال عن أحوالهم، وعدم الغيبة والنميمة، والإيثار هم العلاج الأنفع للإنسان. التطبيق من الأسرة من جهتها، قالت الدكتورة سها عبدالجواد عميدة كلية العلوم والأسرة بجامعة طيبة: «سلامة القلوب والأبدان من الغل والحسد والطهارة الحسية والمعنوية أمر ضروري في سلامة الأسرة التي تعد هي بذرة المجتمع»، وأضافت «الود ضروري بين الوالدين وهذا بالطبع ينعكس على الأبناء والبنات والمجتمع». وبينت الدكتورة سها «ضيق النفوس بين الوالدين والأنانية وتقديم مصلحة النفس ينعكس على الأطفال فينشأون مثل والديهم ويؤثرون في المجتمع وبالتالي ينعكس على المجتمع من خلال اختلاطهم بالآخرين». من جهتهم رأى المصلون في الحرمين الشريفين منهم عبدالله الصالحي، أحمد ناصر الدعدي، أحمد العميري، أن الخطبة قد لامست شفاف القلوب فنحن في حاجة إلى مثل هذه الخطب الاجتماعية التي تلامس القضايا التي يعاني منها المجتمع فنأمل تدخل من قبل الجهات المهتمة بأمور الأسرة والطلاق وإيجاد مظلة لحل هذه الخلافات الأسرية التي تحدث في الأسر ويذهب ضحيتها الأطفال بدون ذنب لهم في ظل تنازع الأم والأب عليهم. أما محمد أبو علاء فقال: «خطبة المسجد النبوي ركزت على جوانب مهمة وهي سلامة القلوب والأبدان، وهي من الأمور التي تؤكد مدى حرص الإسلام على هذه الأمور»، أما سعيد الحربي فقال: «القلوب أصبحت اليوم في حاجة للتذكير أكثر من أي وقت مضى، فالمال أصبح الهاجس الأكبر للكثيرين وانقطع مع الهث وراءه أواصر المودة والتقارب». وينوه محمد مليوي على أهمية نبذ الحسد الذي يدفع الكثيرين من الناس إلى مراجعة الرقاة والمشايخ والسبب هو الحسد.