قال خبراء اقتصاديون إن تحديد وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي سعر النفط ب 100 دولار للبرميل يهدف لتهدئة السوق النفطية، ويسهم في إعطاء رسالة واضحة بتحرك المملكة الجاد لإظهار تعاونها التام لانتشال الاقتصاد العالمي من حالة الركود الحالية، موضحين أن المملكة تسعى من وراء تحديد سعر للبرميل إلى وضع حدود معينة لتكاليف الانتاج، بحيث تأخذ في الاعتبار الخطط المستقبلية لتطوير صناعة النفط لاستمرار ضخ الطاقة في الاسواق العالمية، خصوصا وأن عمليات التطوير تتطلب استثمارات ضخمة، ما يستدعي وصول النفط لسعر مناسب يغطي عمليات الانتاج و كذلك الخطط المستقبلية لرفع الطاقة الانتاجية عبر تطوير الحقول النفطية. وذكر الدكتور محمد الرمادي استاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن أن المملكة تنتهج سياسة واضحة تتمثل في تهدئة السوق العالمية من خلال ضخ المزيد من النفط وتلبية الطلب العالمي من الطاقة، بهدف المحافظة على مستويات معقولة من الأسعار، بحيث لا تضر بمصالح المنتجين والمستهلكين في الوقت نفسه. وقال إن التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة في أعقاب التحركات الأمريكية والأوروبية لفرض حظر على النفط الإيراني كانت ستشعل أسعار النفط لو تزامنت مع فترة أخرى، خصوصا وأن الركود الاقتصادي في أوروبا ساهم في عدم صعود السعر لأكثر من 140 دولارا للبرميل، موضحا أن المملكة تعرف جيدا أن دول شرق آسيا (الصين – الهند) تعمل حاليا على البحث عن مصادر اخرى للحصول على الطاقة مثل كازاخستان أو فنزويلا او غيرها من الدول المنتجة للنفط، مضيفا أن حصة اوبك من الانتاج العالمي من النفط تصل الى 29 مليون برميل يوميا، من إجمالي الانتاج العالمي البالغ 85 مليون برميل يوميا، فيما يصل حجم انتاج الدول الخليجية و ضمنها إيران إلى نحو 19 – 20 مليون برميل يوميا. وأشار إلى أن التكلفة الانتاجية لبرميل النفط في المملكة تتراوح بين 20 إلى 35 دولارا، وبالتالي فإن سعر 100 دولار للبرميل مجد من الناحية الاقتصادية ويساعد في رفد الميزانية العامة للمداخيل المطلوبة لتغطية عمليات الصرف خلال العام الجاري. وقال الخبير الاقتصادي الدكتور تيسير الخنيزي إن هدف المملكة من وراء تحديد سقف لسعر البرميل ب 100 دولار تهدئة السوق العالمية، بحيث تبقى عند هذه المستويات، مشيرا إلى أن المشكلة لا تكمن في مساعي المملكة في إبقاء السعر عند حدود 100 دولار فيما تكمن في عدم قدرة الدول المنتجة في تحديد مسار الأسعار، فالسوق له مساراته الخاصة في تحديد الأسعار، خصوصا في ظل الأوضاع المتوترة حاليا في المنطقة، مبديا تخوفه من نشوب حرب بين ايران والولايات المتحدة، فالحروب تبدأ في الغالب من التصريحات المتبادلة وهو الأمر الذي يلمسه الجميع بين طهران والعواصم الاوروبية، مؤكدا أن عملية اغتيال العالم النووي الإيراني رفعت من حالة التوتر في المنطقة، خصوصا في ظل توعد طهران برد على العملية. وأوضح أن المشكلة لا تكمن في اتخاذ قرار فرض الحظر على الصادرات الايرانية، بقدر ما تكمن في التداعيات الناجمة عن القرار، حيث يؤدي القرار إلى توتر اقليمي ووضع المنطقة تحت المجهر، خصوصا وان القرار سيدفع ايران لاتخاذ خطوات صارمة للمحافظة على مصالحها الاقتصادية ومنها تهديدها باغلاق مضيق هرمز، وبالتالي عودة المخاوف مجددا لنشوب مواجهة عسكرية في المنطقة، ما يسهم في رفع السعر لاكثر من 150 دولارا للبرميل، خصوصا و ان السوق لن يكون محايدا في مثل هذه الظروف، فالسوق النفطية حساسة للغاية تتأثر بأي حدث اقتصادي أو سياسي أو عسكري.