اليوم نعيش حالة فضيعة من القلق والارتباك على مستقبل أمة، كانت خير أمة أخرجت للناس، بهذه الظروف الصعبة التي تعيشها الكثير من ديارنا العربية المسلمة، وهذه الزعزعة التي بدأت تنجلي في مكان وتزداد سوءا في مكان آخر، مما قد يعطل من مشروع الاستقرار في المكان الذي بدأ يعالج جراحه المثخنة، فلا يمكن بحال من الأحوال أن نجزئ هذا الجسد ولا أن نجعله كالذبيحة المعلقة كل يأخذ منها ما يشاء! ليس هذا هو حال السواد، بل هو حال النخبة كذلك، والتي تعيش أزمة فهم بعد اختلاط أوراقها القديمة والتغريبية وازدياد تشكيكهم في مقوماتهم وهويتهم، مما يشكل عاملا آخر يزيد الوضع تعقيدا، فالنخبة هم اليد المؤسسة للاستقرار الثقافي والسياسي والاقتصادي. لو فتشنا في لماذا العرب وليس غيرهم الذين يعيشون هذه الفوضى التي يطلق عليها البعض بالربيع العربي، لماذا الشعوب العربية الأكثر استسلاما لمشاعر الخيبة وتجريح الكيان، لماذا حين تتحقق لديهم رغبة الحرية والاختيار يدفعون لذلك ثمنا باهظا من دمائهم وأبنائهم ولا يكلف غيرهم غير اقتراع لصناديق الحرية؟. لماذا أمتنا تلجأ للتنبؤات والهرطقة وهي أكثر الأمم مطالبة بإقامة الحق والعدل على محجة بيضاء ليلها كنهارها. لماذا تعيش أمتنا هذه الحالة المؤلمة من الفساد والوحشية والرجعية وهي أكثر أمة نظم شأنها بأدق أدق تفاصيله من كبيره إلى هينه. ولماذا هي أكثر من يستخدم مسخ آراء الآخرين بقصد الإساءة وليس بقصد المناظرة التي تساعد على الوصول إلى نتائج لحياة أفضل. لا أريد أن أزيد الجرح ملحا ولا أن أهول ولا أهون ولا أتدحرج حتى بكم ولا نريد صوت الإملاء المفرغ والمنمق.. نريد الآن تفسيرا وحلا وتدخلا عمليا يوقف هذا الهدم لمقومات الأمة من شبابها وفكرها وطموحها.. نريد إقصاء المتخاذلين والمتآمرين فلا نسمع لهم همسا.. ولن يكون ذلك بدون أن نكون على قلب واحد ومصلحة واحدة وأيد تشترك في خلع ثياب الذل والضعف والهزيمة.. بعزيمة المؤمن المتمثل لقول ربه، العامل على خدمة دينه وعقيدته، المفتخر بهويته المنتمي للجماعة. حسناء محمد