باختصار شديد أنا مديرة مدرسة «ثانوية» ناجحة جداً بشهادة الجميع.. وبشهادة الجميع أيضا قوية شخصية حازمة لا أرضى بالتهاون واللامبالاة، لكن يبدو أن قوة شخصيتي الطاغية أفضت لفشلي الذريع في حياتي الزوجية، فقد تطلقت ثلاث مرات.. تمنيت وأقولها بكل ألم ومرارة لو كنت ضعيفة شخصية، لربما استطعت أن أنجح بزواجي الأول بدلا من سلسلة الطلاقات.. وقدري بأن يكون نجاحي في حياتي العملية وقوة شخصيتي على حساب حياتي الزوجية.. أصارحك القول بت أحسد زميلاتي «ضعيفات الشخصية» بوصفهن نجحن في حياتهن الزوجية.. محزن حقاً أن الرجال في مجتمعنا لا يروق لهم إلا المرأة الضعيفة المنصاعة والمنكسرة.. هذه فحوى الرسالة. بداية أشكر الأستاذة الناجحة جداً في عملها ولن أقول الفاشلة في حياتها الزوجية لأنه لا يزال هناك فسحة أمل إن هي استدركت.. أشكرها على شجاعتها وتفانيها، والدليل رسالتها التي آثرت بأن تكون عبرة لغيرها.. كان بالإمكان «ولم يزل» استلهام نجاحها في عملها وقوة شخصيتها ليصير امتداداً وتتويجاً لنجاحها في حياتها الزوجية، لكن يبدو وهذا ما يستوجب تداركه وتصويبه، بأن مفهومها لقوة الشخصية أو «المرأة الرجلة» إن صح القول ملتبس كي لا أقول على النقيض واقع الحال لا أدري من أوحى لها وهي المرأة المتعلمة بأن قوة شخصية المرأة تفضي للفشل؟ ووفق أي معيار زعمت وهي الإدارية الماهرة بأن زميلاتها «ضعيفات شخصية» بدليل نجاحهن أسرياً؟ لا ريب أن أكبر خطأ وقعت فيه «المديرة» وعلى شاكلتها الكثير أن «طاعة الزوج» انصياع وضعف وعكسه التمرد والممانعة واستطراداً «الزعيق» ورفع العقيرة من تجليات قوة الشخصية وأهم ملامحها.. وحتى لا تتوه الفكرة نؤكد بأن من أهم دلالات وسمات قوة الشخصية طاعة الزوج بالمفهوم الودي الخلاق وليس الخنوع حسب عرفهن واعتقادهن.. فالطاعة هنا الامتثال لكل ما هو مشروع وبديهي، أما الانصياع والإذعان فعلى عواهنه وبمقتضى هذا المفهوم لا نرى غضاضة أو انتقاصا تطال شخصية المرأة إن هي استجابت لطلبات زوجها.. الإشكالية ها هنا تكمن بأن بعض الزوجات وتحديداً القياديات في العمل يفسرن ذلك على أنه من ضروب الأوامر الملزمة وربما التعسفية بوصفهن لم يعتدن أو قل لا يحبذن -إن شئنا الدقة- تلقى الأوامر، بل هن يأمرن فقط هذا الخلط أو الازدواجية بين العمل والبيت يجعلهن غير قادرات على الاستجابة والتعامل الصحي مع معطيات سلوك الزوج فيتعين عليهن الفصل بمعنى نزع «جلباب» العمل لمجرد دخول البيت وهذا لن يقلل من قوة الشخصية بل مؤشر على القوة بمفهومها الحقيقي وبالتلازم، أي في الآن نفسه عليها ارتداء الجلباب المنزلي، وبكلمات أوضح القيام بجميع أمور منزلها ورعاية أبنائها فإنجاز المستلزمات المنزلية المنوطة بها على أكمل وجه ملمح من قوة الشخصية على عكس الإهمال والتقاعس اللذين يعدان من بوادر الفشل، وكما يعلم الجميع بأن الفشل وقوة الشخصية نقيضان لا يلتقيان.. قوة الشخصية يا أخواتي الفضليات تتجلى أكثر ما تتجلى بالرزانة وعدم «الثرثرة» العدمية، أي حفظ كرامة الزوج بغيابه وحضوره وعدم البوح بأسراره أو نقائصه وعيوبه والتعاطي معهما داخل إطار المنزل. قوة الشخصية في توفير وتهيئة أجواء الراحة للزوج «على افتراض أن يبادلها ذات الشعور»، قوة الشخصية هي احترام أقارب الزوج وتوجيبهم لأن احترامهم دليل لا يقبل الجدل على احترام الزوج.. قوة الشخصية في تفهم واستيعاب حوائج ومتطلبات زوجها دون أن يصرح بها «لماحة» وكذا احتوائه ومساندته عند المنغصات والملمات.. قوة الشخصية في إيجاد المناخ الملائم للتحاور مع الزوج، إن لجهة ما يتعلق بعمله أو لناحية أمور المنزل.. هذه من أهم دلائل ومؤشرات قوة شخصية الزوجة بمعناها الحقيقي.. فإذا كانت لديك فأنت حتماً تملكين ميكانيزمات النجاح في حياتك الزوجية، وإذا فشلت فالعيب يكمن بالزوج، لأنه هو ضعيف الشخصية والضعيف الهش كما هو معلوم لا يستطيع مجاراة القوي والتماهي معه، لأنه لا يثمن معطياته كما ينبغي أو إن صح التعبير لا يتفهمها وفق معاييرها القويمة. نختم بوصف «أبي حيان التوحيدي» أم المؤمنين «عائشة» رضي الله عنها بأنها «رجلة العرب» لما اتصفت به من صدق الحديث وقوة البأس وأداء الأمانة، وهذا دليل ناصع بأن المرأة القوية «الرجلة بفكرها» طيعة ومخلصة ومتفانية مع زوجها وليس العكس. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة