في صباح ما.. وأنا قادم بكل ما يحمله المتبدئ من خوف.. خوف من ورطته التي لم يكن يفكر أبداً أنه سيكون في عمقها، لكنه كان فيها بعد أن أصبح فيها.. هو الذي زج بي في حريق الكتابة، لكنه كان حريقاً أسبوعياً.. مرة واحدة فقط في الأسبوع، لكنها لمبدئ كانت تعني حريقا كل ثواني الأسبوع.. قال لي: نَفسُك لاهث سريع، ومقالك «الأسبوعي» بطيء.. فلماذا لا يتسق حرفك مع إيقاع روحك!؟ قلت له: لم أفهم.. قال: غداً، يجب أن تكتب مقالا «يومياً». يجب؟؟.. ومن ذا الذي يقول لي يجب؟؟.. قال: الذي يفهمك.. وماذا أفعل؟؟ أقسم بالله هذا الذي قال لي.. وقال هكذا: إذهب إلى أي مكان لتهدأ فيه روحك واكتب خمسة مقالات، لا تزيد كلماتها عن (300) كلمة!!.. يا إلهي: هل أستطيع أن أحدد متى أقف؟؟.. هل أستطيع أن أقول لدفق روحي هنا يجب أن تقف؟؟ هكذا سألت نفسي.. وبعد ساعة، وإذا بي أقترف ذنب الكتابة اليومية التي ورطني فيها: «هاشم عبده هاشم». لم أكن أعرف ما تعنيه الكتابة اليومية من التزام.. ولم أكن أعرف ما تعنيه الكتابة «أصلا» من تعب.. وحينما فهمت.. وبعدما فهمت.. كان لا بد أن نختلف على أشياء ذات علاقة بين كاتب، ورئيس تحرير.. ولأنه هو.. ولأنني أنا.. حتى لو كان أستاذي، كان لا بد لأحدنا أن يقول كلمته، واخترت أن أقول كلمتي بهدوء أقرب إلى الصمت.. غادرت.. غادرت الصحيفة، لكني لم أغادر الوفاء للأستاذ، والصديق.. وحين غادرت، لم يغضب ويجعلها قطيعة.. التقينا عند نقطة مشتركة: الخلاف على الحروف لا يجب أن يكون خلافاً، أو اختلافاً، أو نسياناً، أو نكراناً، أو إنكاراً لعلاقة إنسانية جميلة.. وبعد أن غادرت، غادر هو.. فسألته: كيف هي الأحوال بعدك؟؟ وكانت إجابته الدائمة: أسأل الله لهم التوفيق.. أستاذي، وأخي الكبير: هاشم.. أكون منكراً لما بيننا إن كنت أجاملك (وأنت تعرف أني لا أجامل)، وأستحق احتقار كل إنسان قرأ حروفي في عكاظ أو غيرها، إن كنت كتبت هذه الحروف زلفى إليك، لأنك أول العارفين أنني لا أجيد هذه الصنعة القبيحة.. كل ما في الأمر.. ستجدني أنا كما كنت المتمرد، المتعب لانضباطك وقوانينك الصارمة.. لكنك أيضاً، ستجدني الصادق مع نبض الناس الذي لا يصلك.. ستجدني المختلف والمتفق معك، لكنك ستجدني «دائما» لا أكتب إلا ما يثير إعصاراً في أحساسي.. وحين لا يحدث هذا الإعصار، ستجدني كما عهدتني أنزوي، وأغيب حتى تأتي اللحظة التي أشعر فيها أنني لائق بمواجهة الناس.. أقول قولي هذا، واستغفر الله يا أستاذي من أي ظن آثم أنني أعطيتك أكثر مما هو حق لك، أو أنني أنقصت من نفسي ما هو حق لها.. لك الحب.. وعليك الصبر.. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة