أعداد المواطنين الذين تجاوزوا الستين من العمر تتزايد يوما بعد آخر، وتشير الإحصائيات الرسمية الصادرة من وزارة الصحة ومن وزارة الاقتصاد والتخطيط ومصلحة الإحصاءات العامة إلى أن (متوسط مأمول الحياة) Life Expectancy للمواطن السعودي بلغ (74) عاما؛ بمعنى أن المواطن السعودي يعيش إلى أن يبلغ (74) من العمر، هذا في المتوسط، والغالبية يعيشون أكثر من ذلك، وندعو للجميع بطول العمر بالصحة والعافية. ومن المعروف أن الإنسان في الغالب كلما يكبر في العمر يحتاج إلى المزيد من الرعاية الصحية، ويكون أكثر طلبا لها وارتيادا لمراكزها ومستشفياتها، وبالتالي فهو أكثر حاجة للتأمين الطبي، ولكن المؤسف أن شركات التأمين في بلادنا ترفض توفير التأمين الطبي لمن هم فوق الستين أو الخامسة والستين عاما، وتعلل سبب رفضها بالتكاليف التي تتأتى نتيجة للرعاية الطبية المتزايدة لهذه الفئة. وتبعا فإن هذه الشريحة من المواطنين الذين أفنوا زهرة عمرهم في خدمة الوطن يصبحون فجأة بدون غطاء طبي، فإذا كانت حالتهم المادية متواضعة واتصالهم المعرفي الاجتماعي الذي يمكنهم من الوصول للمستشفيات التخصصية كذلك متواضعا والمتوقع أن معظمهم كذلك فإنه ليس أمامهم من خيار سوى المستشفيات الحكومية بالزحام الشديد المشهود فيها، والمواعيد الطويلة المعهودة بها، وتواضع معايير الجودة لخدماتها، ونقص الأسرة فيها. لقد التقيت بالعديد من هؤلاء الذين يشكون مر الشكوى من عدم قدرتهم على الحصول على التأمين الطبي لمجرد بلوغهم سنا معينة، ويشكون من التكاليف الباهظة للخدمات الصحية في مستشفيات القطاع الخاص، ومن تردي خدمات مستشفيات وزارة الصحة. والحل في تصوري أن يتدخل مجلس الضمان الصحي التعاوني وهو الجهاز الرسمي المعني بتوفير خدمات التأمين الصحي؛ لإيجاد حلول ناجعة وعاجلة لهذه الفئة الغالية من أهلنا، فهم الأكثر احتياجا واستحقاقا، بل يتوجب أن يكون هذا الأمر في مقدمة أولويات المجلس. وإذا كان مجلس الضمان الصحي التعاوني قد اتخذ قرارا حول هذه القضية، فإن قراره في واقع الأمر لم ينفذ؛ لأن شركات التأمين ترفض التأمين على هذه الفئة من مواطنينا، ويمكن التأكد من ذلك على أرض الواقع. ولعلي أقترح أن يعمل مجلس الضمان الصحي التعاوني على الاتفاق مع شركات التأمين لإصدار وثائق تأمينية خاصة تلبي الاحتياجات الصحية لهذه الشريحة الغالية من المواطنين، ويساهم المجلس ماليا بنسبة محددة مع الشركات لتمويل هذه الوثائق ولاسيما أن المجلس يحقق دخلا مجزيا من الرسوم التي يستحصلها من شركات التأمين ومن المستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية الخاصة، والتي نصت عليها المادة رقم (71) من اللائحة التنفيذية لنظام الضمان الصحي الصادرة في 27/3/1423ه. ولنا في دول العالم المتقدم تجارب ماثلة في الاهتمام بتوفير التأمين الصحي لكبار السن .. بحرص شديد ورعاية كاملة .. فذلك دليل على حس حضاري وإنساني نبيل .. ينبغي لنا أن نكون أكثر حرصا واهتماما منهم.