القلق العلمي الذي توقف عنده أستاذ ورئيس قسم الشريعة في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية الدكتور محمد كمال الدين إمام في ورقته: (مصطلح تعارف الحضارات رؤية إسلامية.. حوار مع زكي الميلاد)، المقدمة لمؤتمر تعارف الحضارات في الإسكندرية، حول النسب أو التجاور المفترض بين فكرة تعارف الحضارات وفكرة التواصل عند المفكر الألماني المعاصر يورغن هابرماس، هذا القلق حتى مع وصفه بالقلق العلمي أظن أنه ليس في مكانه، وما كنا بحاجة إليه بهذه الطريقة التي تجلب لنا الهواجس والمخاوف. وما أطلق عليه الدكتور إمام النسب أو التجاور بين فكرتي التعارف والتواصل، كانت الغاية منه تتحدد في عدد من النقاط، في مقدمتها أولا: إن تعارف الحضارات هو مفهوم جديد، والكشف عن أي مفهوم جديد يستدعي من الناحيتين المنهجية والمعرفية، اختبار هذا المفهوم من مختلف جهاته التي يتصل بها، حتى تكتشف أبعاد هذا المفهوم وعناصره، وتتضح هويته وماهيته، وتتبلور حدوده وعلائقه، وبهذه الطريقة تتحدد صورة المفهوم، ويصك ويستوي على سوقه. وفي هذا النطاق جاء الحديث عن مفهوم التواصل عند هابرماس، فقد وجدت أن هذا المفهوم يشترك مع مفهوم التعارف في جهة، ويفترق عنه في جهة أخرى، وكان لا بد من الكشف عن هذين الجانبين الاشتراك والافتراق، لكي تتحدد بعض ملامح مفهوم التعارف. فمن جهة الاشتراك، هناك اشتراك بين المفهومين في تبني فلسفة العبور من الذات إلى الآخر، فالتواصل مهما قلنا عنه من تفسيرات وتأويلات، هو مفهوم ناظر إلى الآخر، وهكذا الحال مع مفهوم التعارف. وفلسفة العبور من الذات إلى الآخر تعني أن الوجود والحقيقة والقيمة ليست إلى الذات فحسب، وإنما إلى الآخر أيضا، الأمر الذي يعني ضرورة الوصول إلى هذا الآخر واكتشافه، والاعتراف بوجوده، وحتى حمايته والدفاع عن كرامته وحقوقه.. ومن جهة الافتراق، هناك افتراق في المجال بين المفهومين، فالتواصل عند هابرماس هو مفهوم له علاقة بالمعرفة، ويتصل بالعقل، وينتمي إلى المجال الفلسفي، في حين أن التعارف هو مفهوم له علاقة بالناس، ويتصل بالجماعات والمجتمعات، وينتمي إلى المجال الإنساني العام. وبهذا يكون مفهوم التعارف أوسع من تلك الحدود التي تحدد بها مفهوم التواصل عند هابرماس. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 115 مسافة ثم الرسالة