أكثر المتابعين للمطروح في ساحة الغناء العربي لا يعلمون أن وراء كل عمل غنائي ناجح قصة وأحيانا رواية، وقد تكون معظم أسباب قصص صناعة هذه الأغنيات عفوية جدا.. فمثلا ولو أن ذلك كتب كثيرا أغنية الموعد الثاني إحدى أنجح أغنيات الراحل طلال مداح فنيا وجماهيريا من كلمات بدر وألحان سراج عمر كانت من مواليد الصدفة، حيث إن سراجا كان قد عرضها على طلال منفذة المتن الموسيقي ليدخل صوته عليها، بعد أن كان قد عملا معا في الاستوديو لأعمال كان قد تم الاتفاق حولها قبلا ورفض بقوة لأنه متعب وغير ذلك من الأشياء مثل شعوره بأن لا ضرورة لغنائها إلى أن فعل صباحها. كذلك الأغنية الشهيرة لعبدالحليم حافظ «حكاية شعب» في مناسبة افتتاح السد العالي جنوب مصر، كانت لها قصة رواها لي كاتبها الشاعر الكلثومي الكبير والراحل أحمد شفيق كامل شاعر أنت عمري، أمل حياتي، فكروني، يقول: عندما كان الكثير من الفنانين جهزوا أغنيات وفعاليات فنية لهذا الحفل الذي كان سيقام في جنوب مصر بمناسبة الافتتاح في اليوم الذي يلي التالي وأن قطارا سيتجه بكل الفنانين إلى هناك لتقديم هذا الجديد في الحفل هناك كنت أنا وكمال الطويل «وحيدين» على رصيف فندق شيبرد الذي كان الملتقى للفنانين والإعلاميين والشعراء ونجوم مختلف الفئات الإبداعية الفاعلة إذ يمرنا مصادفة وزير الثقافة يومها ولعله ثروت عكاشة سائلا ايانا: مالذي تفعلانه هنا.. أين أنتم من ما يحدث؟ وكنا يومها نعرف الحدث العظيم ولكننا لا نعرف أن الفنانين جهزوا أعمالا خاصة ستقدم في حفل أمام جمال عبدالناصر.. فشرعنا فورا في الكتابة والدندنة على الرصيف «حكاية شعب» التي كان مطلعها: قلنا ح نبني.. وادينا بنينا بنينا السد العالي.. من أموالنا بأيد عمالنا.. هي الكلمة وأدينا بنينا، إلى أن وصلنا إلى مقطع «ضربة كانت من معلم.. خلا الاستعمار يسلم» فاتجهنا إلى بيت كمال الطويل واقتعدنا أمام بيانو كمال الشهير والذي يلحن به وأنهينا العمل ساعتها وطلبنا عبدالحليم وبدأنا ثم إلى الاستوديو للتعامل الموسيقي والتحفيظ لنكون في النهار في القطار المتجه إلى مقر الحفل في أسوان في أقصى الجنوب. وكان يحدنا الأمل بنجاح العمل مع خوف اعترانا من كلمة ضربة معلم، حيث كنا نخشى أن تكون ردة فعل الرئيس في الحفل غضبا إلا أن العكس هو ماحدث وأن النجاح الذي كنا ننتظره كان مضاعفا، بل ساحق وأن الأغنية ظلت الإذاعة ترددها عدة مرات يوميا. ويروي الفنان المصري محمد ثروت أنه عندما قدم أغنيته «مصريتنا.. حماها الله» من أشعار عبدالوهاب محمد وألحان موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب في العام 1984 وانشغل بها المصريون والنقاد وبنجاحها الكبير كأغنية وطنية عاطفية تختلف عن تلك الأغنيات المارش يومها قرر الراحل أستاذنا صلاح جاهين مع الموسيقار جمال سلامة تقديم عمل وطني يقف أمام هذا العمل ويشاركه النجاح الجماهيري فقدما معا بصوت ياسمين الخيام «المصريين أهما حيوية وعزم وهمة»، وكما هو معروف نالت نجاحها الجيد والملفت. ويضيف محمد ثروت كنت مرة متعاقدا مع متعهد ما.. على حفل فني في صيدا لأقدم أغنيتي «مصريتنا، حاسب على قلبي حاسب» وخلي بيا المتعهد لم يف بالتزاماته، ولم يكن معي موسيقيين وكورال فتقدم الي شاب صغير يومها ليساعدني ككورال وهيأ لي فرقة موسيقية وتم الحفل وقبل عام تقريبا كنت في مهرجان كبير في ليبيا، أنا ووليد توفيق وفضل شاكر ، وبعد مشاركتنا يفاجئني فضل شاكر بأنه كان ذلك الشاب الذي وقف معي ككورال قبل أكثر من عشرين عاما وساعدني في إيجاد الفرقة كمحب لي ولفني كما قال.. ونواصل في المقال المقبل. فاصلة ثلاثية : لعلي بن ابي طالب كرم الله وجهه: ليس الجمال بأثواب تزيننا.. إن الجمال جمال العلم والأدب من القول المأثور: أمل وألم وأجر .. عش بالأولى وتحمل الثانية من أجل الثالثة. قالت العرب: الملاحة في الفم والحلاوة في العينين والجمال في الأنف.