بات وجود الخادمات في المنازل من الضروريات الملحة، وأحياناً لا تكتفي بعض الأسر حتى الصغيرة منها بخادمة واحدة، إلى درجة أن عدد الخادمات في المنزل يفوق عدد أفراد الأسرة نفسها، وبما أن الخادمة تضطلع بدور الأم أثناء غيابها عن المنزل نهاراً وخاصة العاملات منهن، ما خلق واقعاً جديداً لابد من الوقوف عنده، فبالإضافة إلى اكتساب الطفل لبعض السلوكيات الخاطئة من الخادمة، تمارس البعض منهن العنف ضد الأطفال أنفسهم في غياب الأمهات، ما دفع ببعض الأسر إلى نصب كاميرات مراقبة داخل المنزل لمعرفة طريقة تعامل العاملة المنزلية مع الأطفال في غياب الوالدين .. هذا العنف المبطن كشفت عنه مقاطع في «اليوتوب»، وهي مقاطع تفضح مثل هذه الممارسات العنيفة ضد الأطفال الأبرياء. وبين ل «عكاظ» الباحث والمفكر الإسلامي الدكتور عبدالله الجفن، أن ما يحصل الآن من عنف الخادمات على الأطفال هو بسبب التعامل السيئ من الأسر وتسلطهم على الخادمة وعدم إعطائها حقوقها المادية، وعدم توفير الطعام لها، ويضيف: الخادم هو السيد في الطبخ وحماية الأولاد فهل من المعقول أن يقابل بالمعاملة السيئة؟ وزاد: «الخادمة شر لابد منه فلابد من تنظيم الأمور على حسب الحاجة ويجب معاملتهم معاملة حسنة ومنحهم حقوقهم كاملة خاصة أن الإسلام طلب الرحمة والنظرة الصائبة»، مستشهدا بقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم : «إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم ولو شاء الله لجعلكم تحت أيديهم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس). من جهته، أوضح مدير مركز الحامد للطب النفسي والعلاج السلوكي الدكتور محمد الحامد، أن المسؤولية القانونية تحتم توفر الاطمئنان والأمن للطفل، ويضيف: المشهد الاجتماعي يفرز لنا بعضا من المشكلات النفسية التي قد تعاني منها بعض الخادمات من الضغوطات أو ظروف مالية، وهناك أيضاً خادمات واعيات، ملقياً اللوم على بعض الأسر التي ترمي بالأعباء المنزلية على العاملة وتترك لها الحرية دون أدنى رقابة، مطالباً الأسرة بضرورة وضع الخادمة تحت الرقابة لفترة كافية عبر تثبيت كاميرات مراقبة في المنزل دون علمها. وأردف: هناك عائلات طبقت الفكرة واكتشفت المعاملة السيئة من الخادمات نحو الأطفال، وهذا ينعكس على سلوك الطفل ويصاب بالعديد من الاضطرابات، منها الشخصية المضادة التي تحاول إيذاء الآخرين، الشخصية الانطوائية والخجولة فضلا عن اضطرابات نفسية أخرى لا حدود لها. إلى ذلك، قلل الناطق الإعلامي باسم شرطة جدة العميد مسفر الجعيد، من حجم مشكلة عنف الخادمات ضد الأطفال، وقال: الحالات قليلة جدا، ويتم التعامل معها وفق الإجراءات النظامية بعد التأكد من إصابة الطفل، ويضيف: بالنسبة للأطفال الكبار سهل التعامل معهم ومعرفة إصابتهم، أما صغار السن فيصعب معرفة إصابتهم لكونهم لا يستطيعون الحديث، وهنا تكون ردة فعل الأهل سيئة، مشيراً إلى أن سبب عنف الخادمة على الأطفال قد يكون بسبب المعاملة السيئة من قبل الوالدين، وعدم توفير الأكل لها، وأيضاً عدم حصولها على حقوقها المادية أو تعرضها للإيذاء، أو قد يكون للخادمة مشكلة نفسية لا علاقة لها بالوالدين. وطالب الجعيد مكاتب الاستقدام خارج المملكة بالزام الخادمة إحضار شهادة خلوها من السوابق، مؤكداً ضرورة متابعة الخادمات ومراقبتهن واحترام مشاعرهن وظروف حياتهن ومعاملتهن بما يرضي الله، خصوصاً وإنهن جزء من أهل المنزل كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (خدمكم إخوانكم).