رأى زهير سالم القيادي في جماعة الإخوان المسلمين في سورية أن نظام بشار الأسد يدفع باتجاه تدويل الأزمة من خلال سياساته القمعية وليس بإمكانه منع سقوطه الوشيك. وأكد سالم في حوار أجرته «عكاظ» دعم جماعة الإخوان للجيش السوري الحر، قائلا «إن الجيش الحر أسس لحماية الشعب»، لكنهم يميزون بينه وبين المعارضة التي يجب أن تبقى سلمية في حراكها الشعبي. ووصف الأوضاع في سورية بأنها سيئة للغاية، موضحا أن النظام السوري يريد الإمعان في القمع والقتل الترهيب، وسلاحه الوحيد هو التحريض والدعوة للفتنة والاعتداء على المواطنين السوريين الأبرياء. وزاد «إن سياسة النظام القمعي السوري متمثلة في الاعتداء على الأفراد والمؤسسات والبعثات الدبلومسية التي لم تعد تتمتع بحصانة في سوريا بحسب القوانين الدولية».وفيما يلي نص الحوار: • بداية كيف تقرأون تداعيات الوضع الراهن في سورية؟ - للأسف الأوضاع في سورية حاليا سيئة للغاية، فالنظام السوري يدفع الأزمة باتجاه التدويل ويصر على مواقفه وسياساته القمعية ولا يقدم أي شيء إيجابي للشعب. وفي نفس الوقت يدعي الإصلاح. وحتى الآن ليست هناك أي انعكاسات لأي خطوة اتخذها بزعم أنها إصلاحية. وكل ما يريده هو الإمعان في القمع والقتل للترهيب. • اعتدت قوات النظام السوري على عدد من الرعايا العرب في سورية بما فيهم الشاب السعودي الذي قتل في حمص أخيرا، ففي رأيكم ما السبب الذي جعل نظام بشار الأسد يفقد أعصابه إلى هذا الحد؟ - موقف النظام السوري المعادي للأشقاء العرب لا سيما الخليجيين منهم قديم وينم عن عداء كامن تجاه الدول العربية. ولدينا دلائل موثقة على اعتداءات لهذا النظام على مواطنين سعوديين، كويتيين، أردنيين وغيرهم من الأشقاء العرب الذين يتعرضون للابتزاز والاعتقال والإهانات وتسرق منهم سياراتهم داخل الأراضي السورية. والآن بعد قرار جامعة الدول العربية المطالب بوقف قمع الشعب السوري، وكره هذا النظام لدول مجلس التعاون الخليجي نتوقع منه الكثير من مثل هذه الاعتداءات بحكم أنه نظام عدواني وله ارتباطات بالمشروع الصفوي في إيران. ولذلك على الإخوة العرب ولاسيما الخليجيون أن يكونوا أكثر حذرا عند قدومهم إلى سورية خصوصا أن الظروف الحالية تجعلهم في متناول النظام القمعي العدواني، ومقتل المواطن السعودي في حمص يمثل رسالة عداء إلى المملكة العربية السعودية التي بذلت جهودا كبيرة لإرساء الأمن والسلام في سوريا. ونحن سمعنا بشار الأسد وهو يهدد بإحراق المنطقة في حال سقوط نظامه. والتهديد هو سلاحه الوحيد للتحريض والدعوة للفتنة والاعتداء على الإنسان أينما وجد. • كيف ترون هجوم مليشيا النظام السوري المعروفة باسم «الشبيحة» على سفارات بعض الدول خاصة السفارة السعودية في دمشق؟ - هذا العمل عدواني شنيع ومرفوض رفضا قاطعا على مستوى القانون الدولي وعلى المستوى العربي والوطني. وهذه هي سياسة هذا النظام القمعي المتمثلة في الاعتداء على الأفراد والمؤسسات علما بأن البعثات الدبلوماسية تتمتع بحصانة بحسب القوانين الدولية وعلى نظام الاسد أن يفكر كثيرا قبل أن يقطع كل علاقاته مع محيطه العربي. • تبنت الجامعة العربية موقفا حازما لوضع حد للقمع المنهجي الذي يمارسه بشار الأسد تجاه الشعب، وإن جاء ذلك الموقف متأخرا بعض الشيء، فكيف ترون نتائج ذلك الموقف؟ - نتمنى أن يبقى القرار العربي قويا وحازما إلى جانب الشعب السوري وحقه في الحرية والعدالة. ونشكر الجامعة العربية على موقفها الأخير ونتطلع إلى المزيد من الجدية والمصداقية والمتابعة لما يحصل في سورية، خصوصا أن الوقت جزء من مراهنة النظام لارتكاب المزيد من المجازر وعمليات القتل والاعتقال التعسفي. • كيف تنظرون إلى مواقف بعض الدول والأحزاب المؤيدة للنظام السوري؟ - كل التهديدات والتصريحات المؤيدة لنظام الأسد تأتي جزءا من الرؤية الاستراتيجية لأمر يدبر، علما بأنهم يريدون السيطرة على المنطقة من خلال هذه الأدوات الحزبية لكن الشعب السوري سيكسر قريبا جدا هذا التحالف الذي لا يعرف إلا العداء للسوريين. • شدد بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم في الكثير من تصريحاتهما الأخيرة على أن النظام سيقاتل حتى النهاية إذا «فرض عليهم القتال»؟ - قالها قوم من قبلهم ثم أصبحوا بها كافرين. فكل الرؤساء العرب الذين سقطوا قبل الأسد قالوها، لكن الشعب السوري سوف يثبت أنه الباقي. والأسد راحل لا محالة عاجلا أم آجلا. وفي الحقيقة ليس بإمكان أحد منع سقوط النظام الوشيك. • هل ترى أن سورية تتجه إلى حرب أهلية؟ - نتمنى ألا يكون الأمر كذلك، فالشعب السوري واع لمخاطره. والنظام هو من وضع عنوان الحرب الأهلية ومشروع الفتنة منذ بداية الاحتجاجات المطالبة بسقوطه. وكان يهدف من ذلك ترهيب الشعب السوري. ولا زال يدفع في ذات الاتجاه من أجل البقاء في السلطة. إلا أن الشعب السوري سيستمر في وحدته الوطنية ويفوت الفرصة على نظام الأسد. فنحن في سوريا مذاهب وطوائف وأديان متحدون على مطلب واحد هو أننا نريد العدالة والحرية. • لكن هناك من يقول إن الانقسام الحاد مستمر داخل أطياف المعاضة السورية، فما ردكم؟ - لا أعتبر ما يجري داخل المعارضة السورية انقساما. فهي متفقة على الأهداف والتوجهات العامة ونحن ككل معارضة في العالم لها تكويناتها وقياداتها ورؤاها. وما يجري طبيعي وصحي في الحياة السياسية. • ما هو موقفكم من الجيش السوري الحر الذي يضم العسكريين المنشقين؟ وهل تعتقدون أنه قادر على حماية المدنيين من بطش النظام؟ - الجيش السوري الحر ظاهرة نشأت بسبب سياسات النظام، خاصة أن الجندي السوري فرضت عليه أوامر ليست في عقيدته القتالية وتهدف إلى قتل أقاربه وأبناء شعبه. والجيش الحر أسس على أساس حماية المدنيين وليس لنا إلا أن نشكر هؤلاء الجنود الأبطال. • هل يعني ذلك أنكم تؤيدون دعم الجيش السوري الحر وتحويل الحركات الاحتجاجية إلى معارضة مسلحة؟ - نحن نميز بين الجيش السوري الحر وبين المعارضة. فالمعارضة ستبقى سلمية في حراكها الشعبي ونؤيد الانشقاقات في صفوف جيش النظام وندعم الجيش السوري الحر، لأنه يتولى حماية المدنيين. ونحن نريد الحماية بكل الطرق، ومن الأفضل أن تأتي هذه الحماية على أيدي أفراد وأبطال الجيش السوري الحر. • ما رأيكم في الرأي القائل بأن سورية بصدد أن تتحول إلى ليبيا أخرى؟ - كنتيجة عامة، هذا الكلام صحيح لكن هناك مفارقات كبيرة بين الوضع الاستراتيجي والجغرافي والديمغرافي في كل من سورية وليبيا. ونحن نرى أن الشعب السوري سيحقق أهدافه من خلال نضاله السلمي ومثابرته على الوحدة الوطنية. ولا نتمنى أن يكون هناك تدخل من حلف شمال الأطلسي «الناتو» وضربات عسكرية لأن مثل هذه الضربات حتى لو اعتبرت من النيران الصديقة تكون مسببة لأضرار لا نريد للشعب السوري أن يعاني منها.