لاتقتصر المخاطر التي تهدد الطلاب في المدارس على نقص وسائل السلامة وانعدام خطط الإخلاء، بل تتعداها إلى تدني مستوى النظافة في دورات المياه وتلوث مياه الشرب في بعض المدارس، ما يجعلها بيئة مناسبة لتكاثر الفيروسات والميكروبات، ويهدد الصحة العامة للطلاب بالعديد من الأمراض الوبائية الخطرة التي تعوقهم عن التحصيل العلمي بالشكل المناسب. وبالرغم من أهمية البيئة المحيطة في التحصيل العلمي للطلاب، إلا أن هناك مدارس لاتحرص على نظافة دورات المياه وصيانة البرادات دوريا، ما يستدعي التعاقد مع شركات متخصصة في النظافة للإشراف على دورات المياه وبرادات الشرب. وعن أسباب تدني مستوى نطافة دورات المياه في المدارس أرجع المعلم محمد القحطاني من عسير، تدني مستوى النظافة في دورات المياه وتلوث مياه الشرب إلى ضعف البنود المالية المخصصة لصيانة المدارس، ما ساهم في تردي الوضع العام في العديد منها. وألقى باللائمة على بعض المعلمين الذين لا يكلفون أنفسهم عناء توجيه الطلاب بالاهتمام بنظافة مرافق المدرسة لتكون بيئة مثالية لتلقي التعليم. وطالب المعلم ناصر العسيري إدارات التربية والتعليم بالتعاقد مع شركات متخصصة لتنظيف دورات المياه وصيانة البرادات، لاسيما أن العديد من الشركات المتعاقد معها تتلاعب في بنود العقود الموقعة معها من خلال إرسال عامل أو اثنين لتنظيف دورات المياه وصيانة البرادات وهو عدد لايتناسب وكثافة الطلاب في المدارس. غياب الرقابة وحمل المعلم عبد الله معدي إدارات التربية والتعليم مسؤولية إصابة الطلاب بالأمراض الفيروسية المعدية، لضعف رقابتها على دورات المياه وعدم صيانة البرادات بشكل دوري، مايجعل المياه ملوثة وغير صالحة للشرب. وأضاف معظم الأمراض التي تصيب الطلاب خاصة ممن هم في الصفوف الأولية يكون سببها الرئيس تلوث مياه الشرب. المعلم سامي الشهري يقول: بعض المتعهدين بأعمال النظافة في المدارس لايلتزمون بالعقود الموقعة ويتلاعبون فيها من خلال اعتمادهم على عمالة غير مدربة، كما أن البعض منهم لايؤمن العدد الكافي من عمال النظافة بشكل يتوافق وحاجة المدرسة وكثافة الطلاب. أسباب نفسية ويرى المعلم علي القرني، أن من أهم الأسباب المؤدية لتدني مستوى النظافة في دورات المياه، تعود للحالة النفسية التي يمر بها عامل النظافة والذي لايؤدي عمله بالشكل الأمثل والمطلوب بسبب تأخر صرف رواتبه الشهرية من قبل الشركات المتعاقد معها، الأمر الذي يؤدي إلى تقاعس بعضهم عن أداء ما يوكل إليهم من أعمال. وانتقد المعلم محي علي، وضع برادات مياه الشرب داخل دورات المياه في الكثير من المدارس، كونه يساهم في تلوث مياه الشرب وإمكانية اختلاطها بالصرف الصحي الأمر الذي يهدد الطلاب بالأمراض الوبائية الخطرة. أما المعلم علي القرني فيقول: إن الحل لمشكلة تدني مستوى النظافة في دورات المياه في المدارس، يكمن في مراقبة ومتابعة أعمال الشركات المتخصصة في النظافة ومعاقبة المخالف منها والمتلاعبة في العقود. بيئة ملوثة ووصف ناصر العسيري من منسوبي التعليم في منطقة عسير، بعض دورات المياه في المدارس بالبيئة الحاضنة للفيروسات والميكروبات الضارة, لعدم تنظيفها وصيانتها بشكل دوري , الأمر الذي يهدد الصحة العامة للطلاب ويصيبهم بالعديد من الأمراض الخطرة. المعلم علي بن محمد يقول: بعض متعهدي عمال النظافة في المدارس يرسلون عاملا واحدا فقط لتنظيف المدرسة فلا يستطيع تغطية جميع المهام التي توكل إليه، علما أنه يتولى غسل سيارات بعض المدرسين في بعض الأحيان، ويؤدي بعض المهام التي لا علاقة لها بنظافة مرافق المدرسة. وأضاف تخصص إدارات بعض المدارس مبالغ مالية من خلال إيرادات المقصف وتبرعات المعلمين لتأمين تكاليف استئجار عمال لتنظيف مرافق المدرسة كل يوم جمعة، علما بأن هذه الطريقة قد تفضي إلى العديد من المخالفات والمخاطر لكونها لم تصغ بطريقة نظامية وقانونية. أولياء الأمور سالم العبد الله (أحد أولياء الأمور) يقول: قبل ما يقارب ثلاث سنوات تعرض ابني الطالب في مدرسة ابتدائية لمغص شديد، استدعى حضوري للمدرسة ونقله إلى المستشفى، وفوجئت أنه تعرض لتسمم بسبب شرب الماء من برادة المدرسة، التي كانت حسب وصف ابني في حالة سيئة، والأسوأ إن المدرسة وضعتها بجوار دورات المياه. لا حلول الطالب عبد الله الشهري في الصف الثالث ثانوي في عسير يقول بسبب سوء وضع دورات المياه في المدرسة، ابتعد عن استخدامها وأتحامل على نفسي حتى لا ألجأ إليها، وذلك بسبب الروائح التي تنتشر حول موقع دورات المياه، واضطر أحيانا للاستذان للخروج إلى منزلي في حال اشتد علي الأمر ولزم استخدام دورة مياه. طحالب وأمراض يقول الطالب عبد الله الهاجري: لايوجد أي اهتمام أو صيانة لبرادات مياه الشرب من قبل معظم إدارات المدارس، لذلك تجد الطحالب منتشرة في أحواض البرادات ما يجعلها مصدرا رئيسا للأمراض المعدية. وأضاف يشرب بعض الطلاب المياه مباشرة من صنبور البرادة، وهذا سبب آخر لانتقال العدوى بين طلاب المدرسة وخاصة الأمراض الوبائية، مطالبا إدارات المدارس بتنظيم محاضرات توعوية موثقة بالصور لتعريف الطلاب بخطورة شرب المياه الملوثة. تعقيم مستمر وعن تدني مستوى النظافة في دورات المياه في المدارس قال المرشد الطلابي في مدارس عسير عبد الله الشهراني: لابد أن تكون دورات المياه الموجودة في المدارس، بنفس مستوى نظافة نظيراتها في الإدارات الحكومية والمراكز التجارية الكبرى، التي تعتمد على تنظيف وتعقيم دورات المياه بشكل مباشر بعد كل استخدام، مع توفير وسائل النظافة من مناديل وصناديق نفايات وصابون، وتأمين عامل خاص لدورات المياه لتنظيفها والعناية بها باستمرار. وأضاف تفتقر برادات المياه في بعض المدارس للفلاتر، مايستوجب العمل الدائم على صيانتها حفاظا على صحة الطلاب. صيانة دورية وحول تلوث مياه الشرب في المدارس حذر مدير ثانوية صفوان في محافظة أحد رفيدة علي آل نور، الطلاب من شرب المياه الملوثة، التي تهددهم بالإصابة بالتسمم وأمراض النزلات المعوية والكوليرا. وقال: يجب على مديري المدارس الاهتمام بشكل أكبر بمياه الشرب والحرص على صلاحيتها من خلال صيانة البرادات بشكل دوري، وذلك لارتباطها المباشر بصحة وحياة الطلاب، لاسيما أن العديد من الأمراض المعدية يكون مصدرها مياه الشرب الملوثة التي باستطاعتها نقل عدوى الأمراض البكتيرية والفيروسية للطلاب بسهولة، لذلك يجب أن يكون مصدر المياه بعيدا عن كافة الملوثات. وأضاف لابد على المدارس من تنفيذ برامج تربوية وتوعوية تهدف إلى رفع مستوى التوعية الصحية للطلاب حرصا على الصحة العامة وللحد من الإصابة بالأمراض المعدية. شركات متخصصة من جهته، أكد مصدر مسؤول في إدارة التربية والتعليم في منطقة عسير، إلزام كافة مدارس المنطقة بالتعاقد مع شركات متخصصة لغسل خزانات مياه الشرب العلوية والسفلية مرتين في العام بمعدل مرة كل فصل دراسي، على أن يتم بعد ذلك مخاطبة أقرب مركز صحي للمدرسة لأخذ عينة من مياه الشرب وفحصها للتأكد من صلاحيتها للشرب وإشعار إدارة الإشراف الطبي بالنتيجة. وأضاف في حالة اكتشاف عدم صلاحية المياه للشرب، يتم بشكل فوري وعاجل اعتماد تأمين عبوات مياه صحية من قبل إدارة التربية والتعليم لحين استكمال تعقيم الخزانات والتأكد من صلاحية المياه للشرب.