تدل الكتابات والنقوش والرسومات القديمة في وادي النخلين الواقع في منطقة محايل عسير، ولا يبعد عن طريق محايل أبها سوى 35 كيلو متر تقريبا، على حضارة أمم استوطنت الوادي في عصور وأزمنة قديمة لم تؤرخ بدقة، فالداخل للوادي يفاجأ بمبان مرتفعة بديعة في تكوينها وكأن من وضع لمساتها هم كبار المهندسين في عصرنا الحاضر، فدهاليزها التي تمتد تحت مستوى الأرض، تحوي قبورا جماعية تجمع رفاتا بشرية من كل الأعمار، إلى جانب رسومات لحيوانات تزين ما تبقى من جدران الأبنية القديمة التي تقف شامخة في وجه الزمن وتقلبات الطبيعة بكافة أشكالها. «عكاظ» زارت الموقع الأثري الخالي من السكان سوى من منازل عائض بن عضوان القبيسي والتي هجرها الأبناء بعد وفاته وانتقالهم إلى مناطق أكثر حيوية. هذا الموقع الأثري تعرض على مر العصور للإهمال والعبث، فضلا عن العوامل الطبيعية كالسيول والتصحر التي جرفت حصون ومقابر ونقوش أثرية تعود لقرون ضاربة في القدم، وهنا بعض آراء المهتمين والسكان القريبين من هذا الموقع لنتعرف أكثر على هذه القرية الأثرية التي باتت لغزا يصعب فك خباياه حتى الآن. تجاهل تام ذكر عضوان علي القبيسي، وهو من المهتمين بوادي النخلين الأثري ورافق «عكاظ» أثناء زيارتها للقرية الأثرية، أن المواقع الأثرية في الوادي تدل على أن أمما وحضارات عاشت في المنطقة قبل الميلاد بحسب الكتابات والنقوش الموجودة، مستغربا تجاهل جهاز السياحة والآثار في منطقة عسير لهذه المواقع التي وصفها بالمهمة، وبين القبيسي أن هذه المواقع لم تسلم هي وغيرها من المواقع الأثرية من العبث، وطالب المختصين بمباشرة هذه المواقع وإجراء دراسات ومسح ميداني لها لفك أسرار تلك الرسوم والرموز والنقوش القديمة وأيضا المقابر الجماعية التي صممت من عدة طوابق مرتفعة عن سطح الأرض. وأوضح القبيسي، أن الآثار التي تعتبر جزءا من تاريخ المنطقة وذاكرتها تعرضت للتخريب على مدى عصور، إلا أنهم تداركوا الوضع واستطاعوا جمع بعضها من العبث في انتظار أي تحرك رسمي عاجل لمعالجة الوضع وإنقاذ آثار نخلين الذي يقف ما تبقى منها شاهدا على حضارات وأمم قديمة عاشت في المنطقة منذ آلاف السنين. آثار قديمة من جهته، أوضح كل من يحيى غرامة وأحمد عضوان وهما من كبار السن ويعيشان في بلدة قريبة من وادي نخلين، أنهما كانا يرعيان الأغنام في صغرهما بالقرب من هذه الآثار قبل أكثر من 90 عاما تقريبا، وكذلك الأمر مع آبائهما، وزادا بالقول: «حتى هذه اللحظة لم يكتشف أحد الزمن أو الحقبة التي عاشت فيها تلك الأمم في وادي النخلين التي تضم قبورا جماعية بارتفاع عدة أمتار عن سطح الأرض، ونقوشا ترمز إلى علامات غامضة يصعب الكشف عن خباياها ولا عن الفترة التي عاشت فيها هذه الأمم ومن هم أصحاب القبور وما إذا كانت شاهدة على حروب طاحنة دارت رحاها في الوادي العملاق وخلفت ما نشاهده اليوم من قبور جماعية. ثروة وطنية بدوره أكد أحد المهتمين بالآثار في المنطقة، أن تلك الآثار والنقوش والرسومات تدل على أنها لأمم سكنت الوادي قبل الميلاد واستدل على ذلك بوجود رسومات بارزة تدل على تصوره، وأضاف: يزخر الوادي بالعديد من الآثار التي تعد ثروة وطنية لابد من المحافظة عليها والعمل على إعداد دراسة موسعة وشاملة للوادي الأثري من قبل متخصصين وباحثين في هذا المجال والخروج بنتيجة علمية من شأنها فك أغواره. وخلص إلى القول: «تزخر محافظة محايل بالعديد من المواقع الأثرية، إلا أن آثار نخلين تعد الأولى من حيث المحتوى والضخامة، ولعل صعوبة تضاريس وادي نخلين وبعد مسافته عن المحافظة ساعد في اندثار تلك الآثار القيمة وعدم التعريف بها». «الآثار» لا تعليق وفي الوقت الذي لم تحصل فيه «عكاظ» على رأي الجهات المعنية حول هذه الآثار التي تشكل قرية متكاملة وتعاني الإهمال والعبث رغم اتصالاتها المتكررة بمسؤولي جهاز السياحة والآثار في منطقة عسير، ناشد عدد كبير من المهتمين بالآثار، سرعة تدخل الجهات المعنية وحماية آثار وادي نخلين من أيادي العابثين التي طالت تلك القرية وبدت ملامحها تختفي بعد أن بقيت صامدة لآلاف السنين على حد قولهم.