حاورت «عكاظ» علماء القطيف لتسجيل موقفهم إزاء الأحداث الجارية في المحافظة، في ظل الموقف الدامي الذي يعد غريبا على أعراف وتقاليد المجتمع السعودي، والذي لا يحتمل الصمت، لتفادي الإنحدار في خضم الفتن العظيمة والتي لا تأتي إلا بنتائج وخيمة ومؤلمة على كافة أطياف المجتمع، ولردع من يريد اقتناص لحظات الغضب والضعف والانفعال، ويشي بشبهات وشعارات ملتبسة ومشوشة. حيث استنكر المفكر الدكتور محمد المسعود، أحد طلبة العلم ورجالات الفكر من أهل القطيف أحداث الشغب والفوضى التي شهدتها المحافظة أخيرا، وأثارها قلة غير مسؤولة ممن لا يمثلون المجتمع القطيفي، تدفعهم نحوها شعارات مغشوشة وعقول غير قادرة على رؤية المستقبل. وقال المسعود«ليس من الحكمة أن يصمت الجميع من العقلاء ورجال الدين ويبقوا متفرجين على الأحداث الدامية، وهل يليق بضمائرهم الحية أن تصمت، مع أن الأمر يمكن تحتويه القلوب والعقول والحب الجامع بيننا». فإلى نص الحوار كيف لنا أن نحرك الوعي وننبذ الفرقة والشر؟ أقول بحق، إن وطنا يتحرك الوعي فيه دائما إلى الأعلى، جدير بإيماننا الكبير به، وجدير باليقين أن الأجمل لا زال يسكن مستقبل منجزاتنا المشتركة، والمستقبل لا يزال ينتظر سواعدنا وقلوبنا ووحدتنا، وتفويت الفرصة على كل من يريد اقتناص لحظات الغضب والضعف والانفعال. لذلك لا أحد اليوم يوصم حكما سياسيا بالعصمة، ولا سياسة دون نقص في التاريخ والحاضر والمستقبل، لكن حسبنا من هذا كله أننا لا زلنا في وهجة متنامية من الضياء والنور، تحركنا في الاتجاه الصحيح. لماذا هذا الصمت عن تسجيل موقف صريح ممن شهدنا منهم مساع نحو الوحدة وتعزيزها؟ الظرف لا يليق به الصمت ولا يحتمله، حيث المزالق شديدة الخطورة، والنتائج مؤلمة وقاسية على الجميع، والتباعد النفسي لوح من الزجاج لسنا بالضرورة قادرين على جمع شظاياه وأجزائه المتباعدة، وأنا على يقين أن الأكثرية يتعين عليها اليوم أن تبادر بحكمتها وعقلها وتجربتها الناضجة في قراءة الواقع، وحسن الحكم عليه، بل يتعين عليها أن تقبض بيدها على الراية الخضراء، وتتقدم للقبض على هذه الظاهرة، التي باتت أسبابها وشعاراتها ومطالبها ملتبسة ومشوشة وبعيدة حتى عن فهم نفسها، غير بصيرة بواقعها، غير قادرة على رؤية المستقبل وأحلامنا الكبيرة عليه، هذا الحلم الذي نصنعه ونسعى إليه دائما، وسنحققه بسواعدنا وقلوبنا وعقولنا وقواسمنا المشتركة. ومن الحكمة أن لا يصمت المجموع على مصادرة القلة لهم، وأن لا يغيب صوتهم، وأن لا يظل الجميع متفرجا ومشاهدا ومترقبا، فثمة كلمة حق يجب أن تقال الآن، حيث الظرف لا يحتمله صمت ولا يقدر عليه. من المسؤول عن التوعية وحزم الأمر وكيف يتحرك العقلاء؟ المسؤول هم رجال الدين الذين يمثلون ضمير المجتمع الحي، ويمثلون رسالة المحبة والسلام والتعايش، ورعاية الحقوق والمصالح والمظالم والعدل، فهل يليق بضميرهم الحي الصمت..؟ وهم بين أخويهم في خطورة الانزلاق إلى قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. والتساؤل يلحقه تساؤل هل يليق الصمت، والأمر يمكن أن تحتويه القلوب والعقول والحب الجامع بيننا، هل نسينا مائة عام من الحب والرضا والعيش الكريم، والمعالجة الواعية والبصيرة لكل مأزق ومشكلة تعترضنا في سفرنا نحو أحلامنا الكبيرة المعلقة بهذه الأرض. إن الظرف لا يستطيعه الصمت ولا يليق به، فكل الذي بنيناه سويا مهدد بالسقوط، وكل القلوب المتباعدة التي تدانت على كل قواسمنا المشتركة باتت مهددة مرة أخرى بالتباعد، ووحدتنا الوطنية الجامعة هي أول الضحايا، لهذا الذي يتحرك دون بصيرة إلى لا مكان، ومن لايعرف إلى أين يريد أن يصل لا يستطيع أن يصل إلى مكان، لحظة تدمير الحاضر باسم المستحيل.