«طالما هناك افتراش، ستظل الخدمات دون المأمول»، هذه كلمات قالها خالد الفيصل، منذ أيام قليلة، وهي جملة معبرة بكل ما تحمله من معانى واضحة جلية وردت في حديث الأمير والذي نشرته «عكاظ» (الأربعاء 13/12/1432ه) عند إعلانه نجاح موسم الحج. هذه الجملة تحمل غصة كبيرة ومؤلمة لأصحاب الهمم العالية وكل مسؤول أيا كان موقعه ومكانته وحدود صلاحياته. ورغم الجهود الجبارة التي تبذل كل عام وعام، والمليارات التي تنفق لتحسين الأداء بما يعكس رقيا ورفعة وصورة حضارية عن أداء موسم الحج لدى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لا يزال موضوع الافتراش هو الموضوع الذي يشوه كل تلك الجهود في كل عمل جبار وتنظيم محكم واستعدادات مبكرة لإنجاح موسم الحج والقيام بالمسؤوليات والواجبات تجاه من شرفنا الله وخصنا بخدمتهم فكان لنا نحن السعوديين نيل هذا الشرف العظيم. ورغم تجنيد آلاف بل مئات الآلاف من الرجال والنساء في الميدان لخدمة ضيوف الرحمن يأتي المفترشون في إصرار عجيب وغريب منهم، على الضرب عرض الحائط بكل مناشدة وتوعية وتثقيف بأن افتراشهم يسيء بكل معنى الكلمة لتقديم الخدمات بشكل صحيح وسليم يعكس صورة مشرقة وضاءة عن أداء هذه الفريضة ومناسكها العظيمة. والغريب في هؤلاء المفترشين الذين هم مواطنون ومقيمون يأتون من كل مناطق المملكة الذين يدخل بعضهم مكةالمكرمة قبل وضع نقاط التفتيش أو بعدها بسلوك مسارات تهريب من هنا وهناك أو دخول مكة راجلين، وكم شاهدناهم ونشاهدهم لدى نقاط الحجز أو قبلها، فافتراشهم يتم أيضا في مكةالمكرمة في الحدائق والمساحات البيضاء قبل الدخول للمشاعر يعيثون فيها فسادا وإفسادا وتخريبا غير عابئين بأفعالهم. والغريب في هؤلاء، أن ضرر افتراشهم لا يقتصر عليهم بل ضررهم يتعداهم ليضر بالكثيرين سواء بالدولة وسمعتها أو بالمواطن والمقيم في السعودية أو بحجاج بيت الله الحرام، فهم سبب في تعطيل الشوارع والممرات من حركة المرور السليمة أمام الجهات لتقديم الخدمات كما هم سبب مباشر في تأخر حالات إسعاف المرضى من الحجاج، أو حالات الوفاة التي تحصل نتيجة عدم إمكانية الإسراع في نجدة وإسعاف المرضى بالشكل المطلوب نتيجة الافتراش الذي يعيق تحرك الإسعافات من هلال أحمر ووزارة الصحة وكذا الدفاع المدني أو أي جهة كانت، بالإضافة إلى إعاقة حركة سير الحجاج ليتمكنوا من الوصول سواء لمقار سكنهم في المشاعر أو الجمرات وهم سبب أيضا في حالات الضياع التي تحدث بين الحجيج لأنهم يحجبون الرؤية والمعالم الواضحة لحجاج بيت الله الحرام، ناهيكم عن أنهم سبب في توفير بيئة سيئة وغير صحية نهائيا نتيجة مخلفاتهم. وإني لأستعجب حقا أن هؤلاء المفترشين يرضون ويرتضون أن يعيشوا في حالات وضيعة ببقائهم بين المخلفات أكلا وشربا ونوما وكل يرمي على غيره دونما حاجة لذلك ولم يأمر رب العزة والجلال بهذا ولم يكلف حجاج بيته عناء ذلك. وهم بافتراشهم وإصرارهم سنويا على ذلك يعصون الله عزوجل بعصيان ولاة الأمر الذين يناشدون بترك ذلك، كما يناشد علماؤنا الأفاضل ويدللون على عدم جواز إتيان هذا الأمر، ومع ذلك فآذانهم صماء عن سماع الحق والعمل به، يغلبون مصلحة شخصية لهم على مصلحة عامة كما يخالفون شرع الله الذي شرع الحج مرة في العمر ولمن استطاع إليه سبيلا وفق النظم والتشريعات المنظمة لذلك من دون إضرار بالآخرين وإيذائهم والتضييق عليهم. إن من أكبر الكبائر الشرك بالله والإضرار بالناس ولنا في قصة قوم السفينة أسوة حسنة، فهل يريد المفترشون أن تأخذ الدولة وهي قادرة على ذلك ولله الحمد على يدهم وتمنعهم بالقوة من دخول المشاعر أو إتيان نسك الحج بالتربص لهم وإلقاء القبض عليهم ومطاردتهم كما مطاردة المتخلفين والمهربين لمنعهم من التسلل والافتراش. الافتراش وصمة عار على المفترشين أولا بأنهم أناس عصاة فوضويون يدل فعلهم وسلوكهم على خلقهم ولن ينتهي الافتراش أبدا طالما هؤلاء بفكرهم وعقولهم المنغلقة مصرون على فعلهم وآخر الداء الكي، فهل يبحث أولئك المفترشون أن تصل الأمور لردعهم لاتخاذ مثل هذه الإجراءات التي تربأ حكومتنا الرشيدة عن القيام به وتبذل جهدا في التوعية والتثقيف لأنها مؤمنة بأن ذلك سيحقق نتائج إيجابية. وفي النهاية هل يجوز أن يتساوى الحجاج الشرعيون وفق الضوابط والنظم بهؤلاء في أن نطلق عليهم حجاجا وهل حجهم مقبول بما يحمله من مخالفات كثيرة وإضرار بالآخرين؟. أتمنى أن يعقلوا ويتدبروا ويتقوا الله في وطنهم إن كانوا مواطنين، وفي وطن يقيمون فيه بكل أريحية ويحترموا أنظمته وقوانينه إن كانوا مقيمين. علي بن سعيد حنتوش