ترتكز فكرة الخزن الاستراتيجي على مبدأ الوقائية والاحترازية، ما يعني في الوقت ذاته حماية المنتجات البترولية وتأمين احتياجات الجهات الهامة والحيوية، في أوقات الأزمات والطوارئ بنفس الكفاءة التي تتوافر بها في أوقات السلم والرخاء. ويعود الفضل في هذه الفكرة إلى الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله عام 1988 ليتحول هذا البرنامج «الخزن الاستراتيجي» لأنموذج يحتذى به على مستوى العالم. ولم يتوقف المنجز على إنشاء البرنامج ووضع أساسياته بل استطاع أن يتجاوز المرحلة إلى تحقيق العديد من الإنجازات والنجاحات والأهداف المنشودة التي تسهم بشكل فاعل في دفع عجلة التنمية. عند اتخاذ القرار ببدء تنفيذ المشروع كانت القيادة الرشيدة تتطلع إلى اتباع خطوة استباقية احترازية لمواجهة أية ظروف طارئة تؤدي إلى نقص المنتجات البترولية.. وذلك بإنشاء مواقع تخزين آمنة وذات سعات تخزينية كبيرة ودعمها بشبكات أنابيب متكاملة بحيث يمكنها الوفاء بمتطلبات جميع مناطق المملكة، وتفادي أي نقص قد يؤدي إلى اختلال العملية الإنتاجية. ولأن المشروع لم يكن ارتجاليا بل ارتكز على خطط علمية ودراسات متأنية ودقيقة لاحتياجات كل منطقة من مناطق المملكة من المنتجات البترولية وقع الاختيار على خمسة مواقع استراتيجية بكل من الرياضوجدة وأبها والمدينة المنورة والقصيم لتلبية احتياجاتها من الوقود المكرر وزيوت التشحيم بجودة عالية، وجرى تجهيز كل موقع من المواقع الخمسة بمناطق تخزين تحت الأرض ومرافق مساندة فوق الأرض مدعومة بشبكة من الأنابيب لربط الموقع بمراكز الإنتاج والتوزيع. كما تم إنشاء مختبر معملي مزود بأحدث الأجهزة والمعدات بموقع الرياض وذلك للتأكد من جودة المنتجات وعدم تغيير خصائصها بمرور الوقت، حيث أثبت الفحص المخبري سلامة وجودة بعض العينات المأخوذة من المصافي بعد فترة تخزين تزيد على ست سنوات. الفكرة تحولت من دراسة إلى واقع لينفذ المشروع بشكل قياسي ووقع الاختيار على أرامكو السعودية للاضطلاع بمهمة إيجاد نظام آمن وفعال لتخزين ونقل المنتجات البترولية إلى جميع مناطق المملكة، وذلك بهدف توفير هذه المنتجات بجودة عالية في الظروف الطارئة والظروف الاعتيادية على حد سواء. ومن أهم القيم المضافة التي سعى برنامج الخزن الاستراتيجي للوصول إليها تحقيق التكامل بين العناصر الوطنية الواعدة وبين الخبرات العالمية المتميزة ذات الإمكانات العالية.. وقد ظهر المردود الإيجابي لهذا التكامل، حيث بلغ حجم العمالة السعودية في الشركة المنفذة أكثر من خمسة آلاف موظف.. كما بلغت نسبة السعوديين في إدارة البرنامج ما يقرب من 80 في المائة، وقد اعتمد البرنامج بشكل رئيس على القدرات الشابة الطموحة والخبرات التقنية للمهندسين السعوديين الذين تلقى معظمهم تدريبه في كبرى الشركات العالمية أو التحق بدورات متخصصة في أشهر الجامعات العالمية.