لا يمكن اختصار حكاية القذافي في مقال، فهي حكاية مليئة بالطموح والأحلام والبحث عن الحرية التي تحولت بعد وصوله للسلطة إلى طغيان وعنف وظلم وقتل تجاوز الشعب الليبي ووصل الشعوب الأخرى التي هددها بالتفجير والاغتيالات. بيد أن المقال يمكن له أن ينغلق على المشهد الأخير الذي بثته القنوات وهو ذليل وضعيف وكأنه مواطن ليبي في عهد القذافي يجره الأمن دون أن تحترم إنسانية ذاك المواطن. ما الذي يقوله لنا هذا المشهد، أو ما الذي يفضحه هذا المشهد ؟ ليتضح المشهد أكثر، أبعد القذافي وضع بدلا عنه مواطنا ليبيا، وقم بإزاحة الثوار وضع بدلا عنهم الأمن الليبي قبل الثورة. إن لم تستطع، اذهب «لليوتيوب» وستشاهد لقطات كثيرة للأمن الليبي في عهد القذافي وهم يذلون المواطن، فيما المواطن ضعيف ويتوسل. مرة أخرى: ما الذي يفضحه المشهد الأخير من حكاية الطاغية، أو يريد أن يقوله لنا ؟. إنه يقول لنا: الإنسان/ الفرد كائن طارئ ومؤقت على المكان/ الواقع المعاش، وحين يولد يكون الضمير «صفحة بيضاء» سيقوم بصياغته الآباء والمجتمع. وحين يتم صياغة الضمير على تقبل فكرة أن الحياة ما هي إلا غابة القوي يطحن فيها الضعيف متى يشاء، وأن الحياة إما أن تستعبد الآخر فتفعل به ما تشاء، أو يستعبدك هو فتصبح ذليلا.. سيتحرك هذا الإنسان الطارئ على المكان والواقع المعاش على هذا الأساس، لهذا حين وصل القذافي للسلطة كان طاغية باقتدار، وحين انتقل للجهة الأخرى بدا وكأنه مواطن ذليل ومضطهد وتهان كرامته دون اعتراض. خلاصة القول: إن ما تحتاجه ليبيا الآن بعد أن دفعت الثمن، تغيير الواقع المنبت للطاغية والذليل، وأن توجد واقعا جديدا قائما على رفض فكرة الطغيان واحترام الإنسان، وإلا ستعاد الحكاية بقذافي آخر طاغية وذليل في آن واحد. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة