تهمني كثيرا الظواهر الاجتماعية في حوار السعوديين، (نقد الذات، المقارنة بالآخر، نبذ الآخر، ونقد الفرد) لأنها مؤشرات مهمة لنوع التحول والتغير، وهي ما يحرك مجتمعنا. وفي رأيي أن خطة بناء الإنسان السعودي تحتاج هذه الحوارات الكثيرة؛ التي بعضها متمسك بالتقاليد، وبعضها ينفلت للتحضر المفتوح، وبعضها يرحب بالجديد من القرارات، وبعضها يصرخ ضد كل تغيير وجديد، ولا يهم اتجاه ما يقوله إنسان في المجتمع، والسياسة والاقتصاد الآن، المهم هو الحوار نفسه؛ لأن الكلام يهذب الفكر ويجنح به للاعتدال، ولأن الصمت يخلق الشك والريبة، كما أن الكلام يأتي بفكر مقنع يواجه فكرا غير مقنع مهما تطرف المتحاورون، وصبرنا على هذا الحوار وعدم إسكاته، هو ما سوف يقربنا للرأي الأفضل. الظاهرة التي أتحدث عنها اليوم في حوار السعوديين ترينا صفة مختلفة، وهي عدم تقبل الفرد الناقد عندنا للنقد نجد أن مجتمعنا السعودي أكثر مجتمع ينتقد عموم نفسه بشكل حاد، وهي ظاهرة جديدة تلفت النظر في كونها تهدف لإصلاح الحال العام من واقع الإحساس بأخطاء في بنية العمل والحياة، وساعدت على انشار الظاهرة وسائل الاتصال الإليكترونية وبالذات الإعلام الجديد الذي أتاح للناس مزيدا من جلد الذات ليشارك حتى من لا يشارك عادة بالرأي. السؤال الذي تطرحه ظاهرة نقد المجتمع السعودي لنفسه بهذه الصورة المفرطة يستحضر للذهن التحولات.. وسرعة النمو في الأولويات، ثم تخلخل بعض القيم التقليدية وفقد الثقة بكثير من الرموز الوعظية في مقدمة الأسباب، ولكن السبب الأكبر هو هامش الحرية الذي أتاحه الإعلام الجديد بحيث تجاوز التفاعل الاجتماعي ما كانت تتيحه الصحف ذات المسؤولية الرسمية من مساحة للنقد. أرجو أنكم تنبهتم لهذه الظاهرة الاجتماعية حيث نرى هذا النقد العام الذي أشرنا إليه والذي يسخن عندما يمس الأفراد الناقدين، ويرفضونه بشده، ويتقبل عندما يمس الشأن العام وكأن الأفراد لا يكونون مجمل الفكر العام.. لكنها في نظري ظاهرة صحية أن ننقد صاحب الرأي، ليعرف الناس أن المخطئ ليس خارج النقد حتى لو كان قائد رأي. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة