صافية طالبة أمريكية تدرس في معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها في جامعة أم القرى، عمرها 30 سنة، أسلمت في أمريكا عام 2000م تحدثت ل «عكاظ الشباب» عن قصة إسلامها كانت تربطني علاقة مع أحد زملائي في الجامعة، ولكنه فاجأني ذات مرة بإخباري نبأ اعتناقه للدين الإسلامي وأنه الآن أصبح متدينا يلتزم بتعاليم الإسلام وأن الإسلام يحرم الصداقة بين الرجل والمرأة وعلينا أن نفترق، وتصف مشاعرها قائلة: صدمت حينها من اعتناقه الإسلام، وفكرت مليا في سبب اتخاذه لهذا القرار، مادفعني للبحث في الإسلام وتشريعاته. وتستطرد مكثت فترة طويلة وأنا أقرأ عن هذا الدين ثم اتخذت أجرأ قرار في حياتي واعتنقت الإسلام رغما عن أهلي وأصدقائي، ومن ثم شعرت براحة كبيرة بعد أن أصبحت مسلمة أرتدي الحجاب وأصلي فروضي، وتضيف وهي تغالب دموعها «رغم سخرية من حولي ذلك الوقت على طريقة ملبسي ومظهري، إلا أنني تمسكت به لقناعتي التامة بما أرتديه، ورغم أن والدي متوفيان، إلا أن باقي أفراد عائلتي رفضوا تحولي عن المسيحية، ولكني كابدت للتمسك بديني والمحافظة عليه». بعد الإسلام وبعد اعتناقها للإسلام، تزوجت صافية من صديقها السابق وأنجبا طفلين وكنيت ب«أم زينة»، ومن ثم التحقت بإحدى الجامعات الأمريكية متخصصة في الموضة والتجميل وحصلت على شهادة البكالوريوس، وتضيف: في عام 2005 سافر زوجي إلى مكةالمكرمة لأداء فريضة الحج وزار جامعة أم القرى، وقدم طلبا للالتحاق بها، وطلب الحصول على بعثة للدراسة في معهد اللغة العربية لغير الناطقين بها وتعلم أصول الدين لنا نحن الاثنين. الهجرة وبعد سنة كاملة من تقديم الطلب، تكمل أم زينة أرسلت لنا الجامعة خبر القبول ولإتمام كامل الإجراءات، وكان ثاني أجرأ قرار لزوجي هو الهجرة إلى مكةالمكرمة، فهو لم يكن يفكر في الدراسة وحسب، بل بالهجرة الدائمة، وهذا ما أقلقني كثيرا، فكيف سيترك عمله وأترك بيتي وأهلي وحياتي التي اعتدت عليها وانتقل إلى مكان كان بحسب تصوري مجرد صحراء قاحلة، ولنعيش في خيمة وتدرسني امرأة عجوز ونركب الجمال (تضحك وهي تتذكر تخيلاتها)، وتابعت: لم أكن أنا بمفردي من كانت صورتهم الذهنية عن البلاد العربية والسعودية على وجه الخصوص بهذا الشكل، بل إن معظم الغربيين يسيطر عليهم هذا التفكير، وتلك هي الصورة التي في أذهانهم عن السعودية، وبما أن المملكة قريبة من العراق، كنت أعتقد أنه من الممكن استعار نار الحرب في صحرائها في أية لحظة كما كانت أسرتي تعتقد، والأمر المضحك أن زوجي لم يحاول تصحيح ما أتصوره عن المملكة، بل تركني لأرى بنفسي وأشاهد بعيني هذه البلاد الرائعة. أولى اللحظات تعود أم زينة بذاكرتها إلى الوراء قليلا، وتتذكر أولى لحظاتها في المملكة عندما حطت طائرتهم في مطار الملك عبد العزيز في جدة، أوضحت «لم تصدق عيناي ما رأته من مظهر مدينة جدة الحضاري والمباني الجميلة وروعة الزي السعودي الذي يرتديه الرجال، عندها أحسست بالراحة لأنني لم ألاحظ أن أحدا يستنكر حجابي كما كان في بلدي»، وتضيف مؤكدة «أتذكر تلك اللحظات بوضوح، حينها لم تترك لي دموعي فرصة للتعبير عن روعة ما رأيته، وأن تصوراتي عن السعودية كانت خاطئة وبالأخص عندما دخلت الجامعة لأول مرة ورأيت الفتيات السعوديات ومدى أناقتهن واهتمامهن بمظهرهن بعكس الفتيات الأمريكيات، كنت أعتقد أن الفتاة السعودية مضطهدة ومظلومة، ولكنني رأيت عكس ذلك فهاهي تدرس وتتعلم وهناك من يخدمها في المنزل وهناك من يلبي طلباتها، ثم تعرفت على إحدى صديقاتي السعوديات هنا وهي غير متزوجة ومن خلال حديثنا في إحدى المرات عن المنزل وشؤونه ذكرت أنها لا تعرف كيف تعمل غسالة الملابس، فقلت لها إنكن بالفعل مدللات وأنتن في نعمة عظيمة يتوجب عليكن شكرها، وأن عدم الاختلاط في جامعات المملكة ميزة تتمتع بها الفتاة السعودية وتضمن لها حريتها داخل الحرم الجامعي التي تحلم به الفتاة الأمريكية». الطفل الثالث أنجبت أم زينة طفلها الثالث في مدينة جدة، وتذكر صعوبة ذلك خصوصا مع عدم وجود من يساندها من أهلها أو صديقاتها، وبينت «نسكن حاليا في شقة في مكةالمكرمة يصل إيجارها إلى 22 ألف ريال، ويمتلك زوجي سيارة GMC موديل 2000، ومكافأتنا الجامعية أنا وزوجي 840 ريالا سعوديا ونحاول أنا وهو تدريس اللغة الانجليزية لتحسين وضعنا المادي». الحياة أيسر وتؤكد أم زينة أن الحصول على المال في السعودية سهل بالطرق المشروعة والعمل المنتج، وأضافت في العيش هنا بركة، والعمل بالاقتصاد الإسلامي هو ما يميز المملكة، فهنا يمكننا العيش بدون ضرائب ولا ربا، بعكس الحياة في أمريكا، حيث لاينعم بالعيش هناك غير من يملك بطاقة ائتمانية ذات حد عال جدا، وكل الأمور المالية في أمريكا مرتبطة بالربا فلا يمكننا شراء منزل أو حتى سيارة جديدة، لأن التقسيط سيجعلنا رهينة للديون مدى الحياة، كذلك نظام التعليم هنا رائع جدا فالدولة تتيح للطالب أن يتعلم بكل وسائل الراحة فالطالبة أو الطالب غير مجبرين على العمل أثناء الدراسة فلديهما المكافآت الجامعية على عكس الطالب الأمريكي الذي يضطر للعمل لتسديد أقساط الجامعة والتي تصل أحيانا إلى 30 ألف دولار أمريكي. طموحاتي أم زينة الآن تدرس في قسم الكتاب والسنة في المستوى السابع وأطفالها يدرسون في مدارس تحفيظ القرآن الحكومية، وتتطلع إلى التخرج وتربية أبنائها في مكةالمكرمة للمحافظة على دينهم وقيمهم وتربيتهم في بيئة مسلمة.