سؤال يلح علي إلحاح الملايين أو قل المليارات التي «تستنزفها» مشاريعنا الوطنية المختلفة. أما لماذا كان فعل الاستنزاف محصورا لدي بين مقصلتين، فلأن هذا أقل ما يمكن فعله تجاه ما نقرأ ونسمع من طحن وجعجعة بلا طائل. أنا وغيري من مواطني الطبقة المتوسطة أو الكادحة، نقرأ يوميا العديد من الأخبار المحلية ونعلق على كتاب الأعمدة اليومية الذين يتناولون الشأن المحلي بالقلم والممحاة تارة مؤكدين وتارات أخر شاجبين مستنكرين، إنه المقاول! إذا همس أحدكم متسائلا عن كنه هذا المقاول؟ أقول إنه هو المسؤول عن كل أعمال ومشاريع التنمية في بلادنا. يستلم المقاول المشروع ثم يسلمه، سواء كان سفلتة طرقات أو بناء مدارس أو حتى تجهيز بنى تحتية للمستشفيات. متى يخضع المقاول لأي نوع من المساءلة أو التحقق من جودة العمل؟؟ متى يكون ذلك؟ أحيانا بعد سيول الأربعاء الأسود، أحيانا أخرى بعد غرق مدينة صادف أن تكون العاصمة. مرة ورد ذكر لهذا (المقاول) إثر حادثة وقعت في مستشفى الأطفال والولادة في مدينة جنوبي المملكة أدت إلى تعطل أجهزة التنفس الصناعي في العناية المركزة، حيث يرقد عدد من الأطفال الذين مات واحد منهم ونقل الآخرون على وجه السرعة إلى مشفى حكومي آخر. أيها المقاول: عام هجري انقضى كانت بلادنا تستبشر بميزانية هي الأضخم ولم تفلح كل هذه الأرقام التي قارعت الفلك في ضخامتها في أن تقلع عن عادتك السيئة التي تفسد كل مشروع تنموي ضخم أو بسيط يتطلع إليه سكان البلد، وقذف ألوف مؤلفة من مكعبات الأمتار من مياه الصرف الصحي إلى سواحل البحر الأحمر، وبمناسبة الحديث عن البيئة استمتعت مؤخرا بمشاهدة برنامج على قناة «ناشيونال جيوغرافيك» العربية عن بناء جسر عملاق في مدينة فرنسية، كان بناء هذا الجسر يمثل تحديا كبيرا بالنظر للبيئة المحيطة وظروف المناخ، لكن (المقاول!) الذي وقع العقد كان مهددا بغرامة ضخمة عن كل يوم تأخير. استلمت شركة المقاول المشروع «التحدي» وكان أن انتهى منه المقاول قبل المدة المحددة بثلاثة أشهر.