أخشى أن يصيب الوطن ما أصاب المساجد، تكتظ بالناس في مناسبة رمضان ثم تهجر بعد العيد، وهذا عيب مشاعر المناسبات والاحتفاليات، فهي قصيرة النفس ومؤقتة، وعابرة، ومحدودة المدى، والدين والوطن يستحقان مشاعر دائمة وطباعاً مستديمة وسلوكيات ثابتة صالحة لكل زمان ومكان لا يزعزعها الوقت ولا ينحتها الزمن. هذا ما دار في خلدي وأنا أتابع احتفالياتنا باليوم الوطني خصوصا أنها في مجملها احتفاليات شكلية، سلوكية وتلقائية، فخشيت أن تكون وقتية أيضا، فالوطن ليس يوما فقط ينتهي بزفرة تعب بعد الاحتفال والوطن ليس أغنية يرددها فنان لا يدرك بعض معاني كلماتها ويحدث أن يطبق ما يناقضها في يوم الوطن وربما في لحظته، والوطن ليس أغنية تطلب في برنامج ولا لونا نتوشح به في يوم. في التاسع والعشرين من رمضان يشدد العلماء وطلبة العلم والوعاظ و أئمة المساجد ومن شابههم من العقلاء على عدم هجر المساجد والقرآن بعد رمضان فالصلاة ركن ليس في رمضان فقط و قراءة القرآن وتدبره واجب في كل وقت وليس في شهر رمضان وحسب، ومع ذلك تنخفض صفوف المساجد بعد رمضان وتقل قراءة القرآن بعده ويشتكي من الهجر، وأخشى من الاحتفال باليوم الوطني أن يكون تحديدا لما هو عام وقصرا لما هو شامل، فنكتفي بحب يوم عن حب دهر وبتفاني يوم عن تفاني عمر، ويتضح هذا من بعض المسؤولين المكلفين بما هو هام لترسيخ الحب والولاء، فتجدهم يستعرضون الوعود بالإنجازات وتحقيق المنجزات بمناسبة اليوم الوطني، فإذا زلت المناسبة، جاءت الأخرى ولم يتحقق شيء، وتراهم يتفننون في الحث على حب الوطن والإخلاص له كلما حضرت (كاميرا) المناسبة واشتعلت فلاشاتها وكأنهم لا يدركون أن الحب هو في العمل للوطن لا في الوعظ عنه، والإخلاص يبدأ من إخلاصهم هم، والولاء يزداد كلما أنجزوا هم، وعودهم ليس قبل أن يرتد لأحدهم طرفه بعد قوة الفلاش ولكن قبل اليوم الوطني المقبل. www.alehaidib.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة