كما أن لبعض الموسيقيين والمطربين حالات بعينها حالات إبداعية أو جنونية فاقدة في بعض الأحيان مرتكزات تنطلق عليها من أجل أن نستطيع نحن المتلقين وبعض النقاد ذوي الاختصاص وضع أسس للنقد في عطاءاتهم، كذلك لكتاب الأغنية الكبار قصصهم التي تجعلك ما بين مصدق وغير مصدق، ومن قصص هؤلاء ذلك المبدع الراحل مأمون الشناوي الذي لا يمكن لك أن تصنفه كمحب ومتابع لإبداعاته الغنائية العظيمة في كل الأحوال .. كلنا يعرف إلى أي مدى كان مأمون الشناوي الذي رأى النور في القاهرة في 28 أكتوبر 1914م أنه صاحب الإبداعات الوهابية والكلثومية الكبيرة مثل «أنساك دا كلام» التي لحنها بدءا الراحل محمد فوزي ثم لحنها فيما بعد بليغ حمدي لأم كلثوم إلى جانب «مأمونيات» أخرى هي: كل ليلة وكل يوم، بعيد عنك .. إلى جانب تعاون أعمق له مع محمد عبدالوهاب في إبداعات لايمكن أن تسقط من الذاكرة مثل: دارت الأيام.. لصوت أم كلثوم وما قام عبدالوهاب بأدائه من كلماته مثل: انت وعزولي وزماني، آه منك ياجارحني، على بالي، كل دا كان ليه، من قد ايه كنا هنا.. إلى نشيد «الجهاد» الشهير وغيرها الكثير.. كل هذا إلى جانب كون مأمون الشناوي «أطرشي الهوى» حيث قدم مع فريد الأطرش أعظم ما قدماه على الإطلاق وللتدليل فقط كانت «حبيب العمر، بنادي عليك، أول همسة، الربيع، حكاية غرامي، جميل جمال، نجوم الليل، ماتقولش لحد، تقول لأ وأقول لا، الحب لحن جميل، أنا كنت فاكرك ملاك.. كذلك مع عبدالحليم في أعمال بلا حصر منها «عشانك ياقمر، في يوم من الأيام.. وغيرها الكثير. ناهيك عن ما قدمه لتأريخ مطلع القرن العشرين مثل: «قهوة، امتى حتعرف امتى» لاسمهان و «ليه خليتني أحبك» لليلى مراد من ألحان كمال الطويل.. و «تهجرني بحكاية، بصراحة» لفايزة أحمد من ألحان محمد عبدالوهاب. إلى جانب أنه اسم فاعل رحل عن عالم الإبداع في 27 يونيو 1994م، بعد أن ملأ الدنيا فنا وقام بدوره الذي يشابه دور شقيقه الشاعر والصحافي كامل الشناوي «شاعر لا تكذبي»، في دعم الموهوبين فمأمون كان من أخذ بيد الموسيقار الكبير سيد مكاوي إعلاميا إلى أن قدم هاني شاكر مؤمنا بجمال صوته. كل هذا سرد من التاريخ.. لكن السؤال: هل من صدمة تصيبك عزيزي القارىء إذا علمت أن مأمون الشناوي هو من كتب لأحمد عدوية «كركشنجي دبح كبشه .. يا محلا مرقة لحم كبشه» ! .. مهلا لا تتعجلوا أنا أحب صوت أحمد عدوية الغارق في الشعبية وحارات مصر «قبل الحادث بالطبع» ومحب لتجربة الشناوي مع مرقة لحم الكبش، وما إلى ذلك، ومحب أيضا لجنون الشعراء وفنونهم ! فأحبوهم. فاصلة ثلاثية .. للعباس بن الأحنف: طوبى لعيني رأت «فوزا» إذا اغتمضت وقرت العين منها كل تقرير ولعروة بن حزام: على كبدي من حب عفراء قرحة وعينان من وجدي بها تكفان ولامرىء القيس: فقلت لها سيري وارخي زمامه ولا تبعديني عن جناك المعلل.