مهما بلغ الإنسان من تطور في كل نواحي الحياة فإنه يظل مشدودا لتلك الجذور التي نشأ منها وترعرع في أراضيها، لأن الشجرة إذا قطعت من جذورها ماتت، لذا نجد من بعض الغيورين على التراث حرصهم على تبني بعض الأفكار التي يحافظون من خلالها على موروثهم الأثري، ومنها أن تكون التراثيات جزءا من لمسات الديكور الداخلية حيث إن الحنين للمنزل التراثي أعطى المصممين فرصة لاستلهام التراث وتوظيفه في مساحات تضاف إلى التصميم الحديث للمنزل أو المدرسة، وكأن هذا التراث تجديد وبعث لروح كانت موجودة أعيدت إليها الحياة فصارت أجمل من كل الابتكارات، نظرا لما في التراث المحلي من نكهة جمالية وأبعاد نفسية لا يعرفها إلا من كان متفاعلا معها. إدارة ومعلمو مدرسة ثانوية صفوان في محافظة أحد رفيدة تجاوزوا تدريس المواد التربوية والتعليمية لطلاب المدرسة وممارسة الأنشطة المختلفة داخل أروقتها، إلى تعريفهم بتراث الماضي الذي كان آباؤهم وأجدادهم يستخدمونه يوميا، حيث علقت نسبة كبيرة منها على جدران المدرسة الداخلية وجملت مداخلها بالأثريات حتى صارت حديث الزائر للمدرسة. وقال مدير المدرسة علي بن عامر آل نور إن إدارته هي الوحيدة في مدارس المحافظة وربما منطقة عسير التي اهتمت بهذا الجانب الأصيل، لتعزيزه في نفوس طلابها والتعريف بما كان يستخدمه الأجداد والآباء والأولون وكيف تغيرت هذه الوسائل القديمة إلى وسائل أخرى حديثه كهربائية متنوعة في الاستخدام، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من زائري المدرسة يلتقطون الصور لهذا التراث الذي أرهق القائمين عند البحث عنه وتجميعه والتعريف عن كل وسيلة، بعد أن اندثر عدد كبير منها منذ أكثر من 30 عاما. ويلاحظ في هذه الأيام توجه كثير من الناس إلى تخصيص جزء من ديكور المنزل للقطع التراثية التي توجد في كل زاوية، حتى أن البعض يضعون في منازلهم ركنا خاصا للتراث يجمعون فيه كل ما له علاقة بالتراث من قطع ترمز إلى حياة الأجداد السابقة، وعادة تكون هذه القطع غير مستخدمة ولكن أهميتها تكمن في قيمتها التراثية، وأصبح وجودها في ركن خاص يعطي مزيدا من الخصوصية والتفرد فصار الركن التراثي في المنزل أو المدرسة شخصية مستقلة تربط الأبناء بماضيهم، وتذكر الآباء والأجداد بموروثهم، وتعطي الزائر انطباعا جميلا عن موروثنا الحضاري وكيف أنه يشكل اهتماما أوليا ومصدر فخار لا ينضب.