صابروا شهرا صياما وقياما، فحققوا التقوى ونالوا المرام، وأطل العيد بالأفراح والحبور، فعانقوه بالذكر لرب لا يخلف الميعاد شاكرين نعماءه وهو الرؤوف الجواد، قال سبحانه (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون). إنه عيد الفطر حقيقته شكر وذكر. يتجلى فيه فجر من الأفراح يشفي بضيائه الأتراح، يعفو المحسن فيه عن من أساء، قال سبحانه في وصف المتقين (والعافين عنِ الناس والله يحب المحسنين)، قال النبي عليه الصلاة والسلام (وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا ) رواه مسلم، ويجود فيه بالفضل الأسخياء (قد أفلح من تزكى . وذكر اسم ربه فصلى). ومن معاني قوله (من تزكي) قال أبو سعيد الخدري وقتادة وعطاء: أي أعطى زكاة الفطر. ومن معاني قوله (فصلى) أي صلاة العيدين قاله أبوسعيد الخدري رضي الله عنه أنه عيد يصل فيه النبلاء الأرحام وترفرف في سمائهم روح الوئام. روى البخاري عنه صلى الله عليه وسلم قال (إن الرحم شجنة من الرحمنِ فقال الله من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته). وللهو المباح فيه نصيب وافر تجد النفوس في ظلاله ما يبهج السرائر. روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل أبو بكر وعندي جاريتانِ من جواري الأنصار تغنيانِ بما تقاولت الأنصار يوم بعاث قالت وليستا بمغنيتينِ، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطانِ في بيت رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا). وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت (كان الحبش يلعبون بحرابهِم فسترني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنظر فمازلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن تسمع اللهو)، وفي رواية للشيخين عنها رضي الله عنها قالت (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد فزجرهم عمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعهم أمنا بني أرفدة، يعني من الأمنِ). العيد ينطق بسماحة الدين ويخبر برحمات رب العالمين وأنه سبحانه أراد بعباده اليسر ولم يرد بهم العسر.. فتأمل يا رعاك الله ما نحن فيه من أمن مع سرور ونعماء وتذكر ما نزل بأمة الإسلام في بلاد شتى من فتن وبلاء، ومن الشكر أن لا تنسهم من دعائك بأن يمتن سبحانه عليهم بمثل ما امتن به علينا من أفراح تترى ونحن في طمأنينة وأمن.. اللهم أدم علينا فضلك وعم بهذا الخير سائر أوطان المسلمين فلك الحمد على إحسانك أولا وآخر. * المشرف على الدعوة والإرشاد في المدينة النبوية وخطيب جامع الخندق [email protected]