عندما فقدت الساحة الإعلامية هذا العام الإذاعية نجوى غرباوي التي تألقت في ميدان الإعلام المسموع بشكل كان فيه الكثير من التميز.. كنا قد فقدنا اسما جيدا في دنيا الإعلام السعودي وكنا نأمل أن تكون نجوى اسما رائدا في المستقبل القريب لما لديها من استعداد خاص يجعل منها رائدة في عالم الإعلام السعودي.. ولكن.. مشيئة الله جعلتنا ننتظر أسماء أخرى في الإعلام السعودي بعد الحالة المرضية العصيبة التي عاشتها نجوى غرباوي على مدى أكثر من عشر سنوات حتى وفاتها رحمها الله. نجوى غرباوي كانت بعملها الإبداعي الإذاعي صديقة لكل مستمعي الإذاعة تقريبا من خلال كونها مذيعة تعي دورها الاجتماعي والثقافي في الإعلام المسموع.. حتى إنها كادت تكون منعطفا جديدا في الحياة الإعلامية بين جيل الأمس الذي مثل الإرهاصات الأولى للإعلام الأنثوي وما تشكله برامج المرأة في الأمس من ثقل في هيكل الإذاعة كما هو الحال في كل إذاعات العالم. رحلت نجوى غرباوي مبكرا عن عالمنا حاملة أوراقها الإذاعية الملونة .. منها ما هو بنفسجي لبرامجها الرومانسية في إذاعة جدة ومنها البيضاء وهي تلك التي شاركت فيها الكثير من محبي الإذاعة في برامج الأفراح التي شاركت نجوى فيها المستمعين في مناسباتهم الاجتماعية «برامج الأفراح» وكانت تتباهى الراحلة نجوى غرباوي زهوا بعلاقتها الكبيرة بالأدب واللغة، وأنها واحدة من أهم المتأثرات بأدب راحلنا الكبير عبد الله جفري رحمه الله. المهم هنا أن نجوى إعلامية كان من الممكن أن يكون لها شأنها الكبير لولا المرض الذي أقعدها أكثر من عشر سنوات بعد أن قدمت أعمالا على درجة من الامتياز وقدمت كاريزما إذاعية للمذيعة السعودية التي ننتظر! وكان صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن فهد قد تكفل بعلاج الزميلة الراحلة نجوى غرباوي في أي مكان في العالم في الخامس من فبراير 2005. من هي؟ هي نجوى صلاح أحمد غرباوي من مواليد جدة يوم الجمعة 7 صفر، ومن المصادفات أن تموت في يوم مولدها الجمعة أيضا رحمها الله «20 من ذي الحجة»، ولنجوى ابن وحيد «ريان» وحفيدة وحيدة أيضا «سلاف» .. أما عائلتها فتتكون من الوالدة وإخوة ثلاثة هم طارق، زياد، وهيثم، وشقيقة واحدة لنجوى هي مها التي كانت الأقرب للراحلة طوال حياتها. وهنا تحكي شقيقتها «مها» الأيام الأخيرة في حياة نجوى باكية: فراغ كبير عشته بدون حكي وكلام وتمريض ووصايا نجوى منذ رمضان المبارك الذي سبق وفاتها. عندما بدأت تستشعر قرب المنية والأجل دون أن نشعر نحن ببوادر ذلك وظلت توصيني وتكرر الوصايا بأن يكون ابنها وحفيدتها وأبنائي في عيوني في هذه الدنيا بعدها إلى أن دخلت في حالة طارئة يرثى لها إلى مستشفى سليمان فقيه وأرافقها طوال الوقت إلى فجر الجمعة 20 من ذي الحجة عندما كنت في المصعد لآتي لها بحاجيات فإذا بها تعيدني قائلة أزف وقت الوداع.. فودعتني وودعت الدنيا وهي تردد ماكانت تردده طوال أيام المستشفى الأربعة «اللهم هون علي سكرات الموت». قالوا عنها وتحدث كثيرون عن نجمة الإذاعة يومها نجوى غرباوي التي كانت بوهجها تملأ استوديوهات إذاعة جدة نجاحا وموهبة تتضاعف كل يوم ومن هؤلاء يتحدث الفنان فؤاد بخش الذي كان يعمل في فترة نجومية الراحلة مساعدا لقسم التنسيق إلى جانب الراحل محمد الخطيب كانت غرباوي رحمها الله من أكثر المعدات والمذيعات دقة في عملية البحث والإعداد للشخصية أو الحدث الذي سيدور برنامجها حوله. كانت رحمها الله أكثر حرصا على الظهور بشكل أقرب إلى الصحة والكمال في النجاح.. لذا كسبت نجوى غرباوي جمهورا خاصا بها ولبرامجها ذات الصبغة الثقافية في كل ما قدمت من جهد إذاعي. ويقول الإعلامي المتقاعد اليوم جميل سمان تجربة نجوى غرباوي الإذاعية كانت لافتة جدا لنا نحن الإذاعيين قبل جمهور مستمعي الإذاعة لأسباب كثيرة منها أن نجوى قاعدتها الأساسية والأولى ثقافية قبل كونها إعلامية.. عشقها للأدب وخوضها في تجارب الأدب بل وكونها أديبة اتضح ذلك من خلال صبغة ولون برامجها التي تشتم من خلال تعامل أذنك معها لغة الأديب وفكره قبل اعتماد العمل الإعلامي بشكل استهلاكي لأنه للأسف اعتمد كثيرون الأسلوب الاستهلاكي الشكلي الذي لا تبرره سرعة دوران دواليب العمل الإعلامي. ويقول عدنان صعيدي مدير إذاعة نداء الإسلام والذي سبق أن تزامل مع الراحلة في فترة نجوميتها في الإذاعة: دعني أركز أكثر على تخيل ما إذا عاشت نجوى غرباوي كإعلامية «يومنا» المعاش في الإعلام المفتوح والذي يسهل عليها عملية البحث الذي أصبح اليوم بكبسة زر على «قوقل» وتخرج بكل ما يمكن أن يعينك على الخروج بالأفضل.. لذا تستطيع أن تتعرف على قدر الجهد الكبير الذي كانت تبذله الراحلة في التحضير لبرامجها. يقول مدير إدارة التبادلات الإذاعية والمعد بإذاعة جدة سمير حبيب بخش: عندما نتذكر الراحلة نجوى غرباوي فإنما نستحضر صوتا جميلا غاب عنا وصفات نبيلة اتسمت بها يرحمها الله جعلتها محل تقدير زملائها وزميلاتها في العمل ومستمعيها في كل مكان. وكان يحلو لها دائما ترديد الأمثال الشعبية وتستشهد بهذه الأمثال في أحاديثها سواء مع زملائها أو مع مستمعيها في البرامج المباشرة على الهواء فكانت تردد في الصراحة راحة .. وأهل السماح ملاح .. وكثر العتاب يفرق الأحباب وياحافر البير ومغطيه يا واقع فيه. وهكذا كانت قريبة من الناس وحريصة أيضا على مواكبة أفراحهم فكان لها برنامج شهير هو برنامج «ألف مبروك» الذي كانت تعده وتقدمه لسنوات طويلة. وبالنسبة لي فقد زاملتني في برنامجين كنت أشارك في إعدادهما لأكثر من عشر سنوات هما البرنامج المفتوح وبرنامج نوافذ وإبداعات، ولم أذكر يوما أنها تأخرت عن العمل حيث كانت تقدر العمل الإذاعي. ويضيف سمير بخش قائلا: رحلت المبدعة نجوى غرباوي لكن أعمالها الإذاعية والأدبية وكذلك أفكارها تظل باقية تنبض بالحياة وقد استعرضنا بعض هذه الأعمال في البرامج الإذاعية التي تحدثنا فيها عن الراحلة نجوى غرباوي في البرنامج الثاني وكذلك في برنامج لمسة وفاء الذي يعده الزميل سليمان الصويان من البرنامج العام. ويتحدث المخرج عصام حلمي الذي زاملها في إخراج برنامجها الإذاعي ألف مبروك. كانت تفرح لأفراح الناس وتحرص على نقل تهانيهم وأفراحهم من خلال برنامج «ألف مبروك» وكنا نلمس هذه الفرحة في صوتها إلى أن داهمها المرض وأفقدها القدرة على مواصلة المشوار فتوقفت عن تقديم واحد من أشهر البرامج الذي ارتبط باسمها لعدة سنوات. ويقول الموسيقار العميد طارق عبدالحكيم شافاه الله : عندما عدت من عملي في الرياض إلى جدة واستقررت بعد التقاعد تزاملت بشكل أكبر مع الراديو وسعدت بعطاء نجوى غرباوي المميز في كثير من البرامج التي ما إن تستمع إليها إلا وتتعرف على مدى الجهد المبذول على إعدادها وتقديمها بشكل فيه الكثير من الجدية. ويقول الفنان عبد القادر صبياني «موسيقي وفوتو غرافي»: أنا دائما في صف العطاء الأفضل في الإذاعة سيما تلك الأصوات التي قدمت برامجا يشار إليها في إذاعتنا بالأمس وأذكر أنني مرة شاركت كإيقاعي مع الموسيقار سامي إحسان رئيس فرقة الإذاعة والتلفزيون الموسيقية في تسجيل «مقدمة موسيقية لأحد برامج نجوى في الإذاعة، كان ذلك في بداية الثمانينيات الميلادية.