لو قدر لنا يوما مشاهدة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش موضوعا في قفص المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أفغانستان والعراق لخرجت أصوات عربية تشيد بعدالة الغرب وبقوانينه التي لا تفرق بين أحد ولربما تباكت هذه الأصوات على حال العرب إذ يتركون القوي ويحاسبون الضعيف. ولو قدر للشعب الكوري الشمالي أن ينتفض على حكم الديكتاتور كيم جونغ لخرجت أصوات عربية أخرى تبارك هذه الانتفاضة وتتندر على حال الشعوب العربية المستسلمة. وحتى لا يقال إن الأمثلة السابقة هي مجرد افتراضات، يمكن المقارنة بين ردود أفعال بعض العرب على محاكمة ستراوس كان مدير صندوق النقد الدولي السابق ومحاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك. في حالة ستراوس، كان التغني بعدالة الغرب التي أنصفت عاملة النظافة أمام المسؤول الكبير وفي حالة مبارك كان التحسر على عدم احترام السن والمكانة. هذه الازدواجية لا أجد لها تفسيرا إلا أنها حالة متأخرة من متلازمة «جلد الذات». هذا المرض الذي حول البعض إلى اسطوانات تسجيل تردد عبارات مؤلمة عن كون العرب ظاهرة صوتية وعن كونهم أمة خارج التاريخ وعن الغرب الذي وجدوا فيه إسلاما بلا مسلمين. العرب اليوم يصنعون التاريخ وما الربيع العربي إلا استفاقة بعد غيبوبة طويلة. البطولات التي سطرها السوريون العزل في مواجهة الألة القمعية للنظام السوري والوعي الكبير الذي أظهره الشباب اليمني حول مفهوم المقاومة المدنية، وسيادة القانون التي جسدها المصريون بمحاكمة الرئيس السابق وغيرها من نماذج البطولة كلها منتجات عربية أصيلة ستكون مصدر إلهام للعالم. غير أن المنجز الأكبر الذي ننتظره هو نجاح دول الربيع العربي في بناء دول قانون ومؤسسات وفي هذا الشأن فإن ما يحتاجونه هو دعم ونقد وليس جلد ذات. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز ???? مسافة ثم الرسالة