انتشرت على واجهات البنوك والمساجد والمراكز التجارية وإشارات المرور ومكائن الصرافات في عسير، ملصقات وإعلانات عن استعداد أشخاص لتسديد القروض الشخصية عن الذين عليهم مديونيات للبنوك المحلية مقابل عمولة بسيطة، بينما هؤلاء في حقيقة الأمر يجنون أرباحا طائلة على حساب ضحاياهم، فضلا عن تشويه المشهد العام بنشر الملصقات التي حذرت منها البنوك عبر وسائل الإعلام. عدد من ضحايا تلك الملصقات أجمعوا على أنها ضرب من الجشع والطمع، وخصوصا أن المعلنين يستغلون المواسم في ترويج إعلاناتهم الخاصة بتسديد القروض. يروي سلطان اليامي اتصلت بسمسار للقروض، وطلبت توضيح طريقته في تسديد القرض، فطلب الاستفسار من البنك لمعرفة المستحق علي دفعه (كاش) ثم زيارته في مكتبه. كان المبلغ المطلوب 70 ألف ريال، وعندما حضرت إلى مكتبه طلب مرافقته إلى البنك حتى ظننت أنه سيسدد المبلغ كاملا مقابل عمولة بسيطة، واسترجاع المبلغ بالأقساط المريحة، ولكن خابت توقعاتي فالسمسار أراد تسديد القرض مقابل آخر جديد، فيما يخصم البنك قيمة القرض السابق من الجديد وإرجاع المبلغ كاملا إلى السمسار مقابل عمولة تصل إلى 15 ألف ريال. وأضاف عندما اتضحت أمامي الرؤية، طلبت من موظف البنك إلغاء الإجراءات والإبقاء على قرضي السابق، فليس لدي الاستعداد لدفع 15 ألف ريال في الهواء، والبدء في قرض قد يمتد لخمسة أعوام. وتابع شدت إعلانات السماسرة انتباه علي الشمراني، اتصل على الرقم الملحق بالإعلان، وعلم أنه ستباع ثلاث سيارات بنظام الأقساط مع التوقيع على «كمبيالات» يتم تسديدها خلال سنتين، مقابل نسبة من الأرباح تصل إلى 50 بالمائة بشرط أن يبيع السيارات التي اشتراها من المعرض على المعرض نفسه بسعر السوق، أي بأقل من قيمتها الحقيقية بحوالى سبعة آلاف ريال تقريبا، ثم يسلم المبالغ كاملة ويسدد منها قيمة القرض مع إحضار المخالصة من البنك لمكتب السمسار، وزاد «بعدما أدركت مدى استغلال هؤلاء لم أتم العملية، مشيرا إلى أن البنوك أكثر رحمة من هؤلاء، مطالبا الجهات المعنية بوضع حد، فليس من المنطق تركهم يضعون إعلاناتهم وملصقاتهم دون ضوابط أو عقوبات، حتى فيما لو كان عملهم نظاميا». ويسدد مازن عتودي مبلغ 2600 ريال شهريا لأحد السماسرة، بينما كان في السابق يسدد 1500 ريال شهريا للبنك، ولم يخرج بفائدة من تلك المكاتب التي أطلق عليها «مكاتب الغرق في الديون» محذرا من مغبة الوقوع فريسة لأولئك الطامعين. في مقابل ذلك أوضح أحد أصحاب المكاتب الخاصة بتسديد قروض البنوك واستخراجها أنه يعمل في هذا المجال منذ عامين ولم يتعرض يوما لمساءلة من أي جهة تدين نشاطه، لافتا إلى أن مهمة المكتب تسديد قرض لشخص معين بعد الاتصال على الهاتف المصرفي ومعرفة المديونية، عقب ذلك يعطى صاحب المكتب الرقم السري للهاتف المصرفي، وبعد التأكد من صحته يودع صاحب مكتب التسديد مبلغ القرض المطلوب سداده، بعد أن حصل من المستدين على بطاقة الصراف الآلي أو كتابة كمبيالة لضمان حقّه، ريثما يستخرج الشخص قرضه الجديد وإعطاء صاحب المكتب نسبته التي تتراوح مابين 15 إلى 20 ألف ريال مقابل السداد، وبعدها تمزق الكمبيالة أو تسلم للشخص بطاقة الصراف الخاصة به‘ كاشفا أن بعض البنوك تعقد اتفاقية مع بعض أصحاب المكاتب بحيث يتسلم صاحب المكتب عمولة من البنك عن كل عميل يسدد عنه قرضه، ويستخرج له قرضا جديدا وبذلك يكون صاحب المكتب قد حصل على عمولة من الشخص المستدين وعمولة من البنك. وإلى ذلك علق مسؤول بنك محلي «فضل عدم ذكر اسمه» أن البنك ملتزم بأنظمة مؤسسة النقد فيما يتعلق بآلية القروض، وللمقترض حق سداد القرض بعد مضي فترة من الحصول عليه، أو الاستمرار في سداده حسب المدة المتفق عليها بينه وبين البنك وحسب أنظمة البنك، مشيرا إلى أن البنك لا يسأل المقترض عن مصدر المبلغ إذا أراد سداد القرض دفعة واحدة، والخيار متروك للمقترض إما سداده دفعة واحدة أو سداده بالأقساط الميسرة، مضيفا أن نسبة أرباح البنوك تقترب من 5 في المائة في العام الواحد، وهي نسبة أقل بكثير من نسبة الأرباح في القروض الأخرى التي تمنح بشكل أو بآخر، فضلا عن أن قروض البنوك يمكن منحها للعميل دون تعقيد أو كفيل، ما يعني سهولة الحصول على التسهيلات والقروض البنكية في أسرع وقت وبأقل نسبة. إزالة الملصقات المهندس حسن النعمي مدير عام إدارة الاستثمار في أمانة منطقة عسير أوضح أن الأمانة تقوم بدورها في إزالة اللوحات والملصقات الإعلانية والدعائية غير المرخصة، وهي تعمل باستمرار على تتبع مثل هذه الإعلانات أو الملصقات وإزالتها على الفور، وأضاف النعمي أن معاقبة أصحاب هذه الملصقات أو أصحاب المكاتب غير المرخصة ليست مسؤولية الأمانة. الشرطة تحذر المتحدث الرسمي لشرطة منطقة عسير الرائد عبدالله آل شعثان نفى أن تكون الشرطة قد تلقت بلاغا من شخص ما يتهم فيه أحدا من أصحاب ملصقات سداد المديونيات بالنصب والاحتيال، محذرا من مغبة رهن البطاقات وبالأخص بطاقة الهوية الوطنية لدى أصحاب مكاتب السمسرة، مضيفا أن هناك عقوبات تنتظر من يثبت لدى السلطات الأمنية بأنه رهن بطاقته الوطنية أو من وافق على رهن تلك البطاقات لديه.