شمرت عن سواعدها وقالت لا بد مما ليس منه بد واتجهت إلى مكتب استقدام تطلب منه إحضار سائق خاص تحت كفالتها لحاجتها الماسة إلى عمله! بعد أن تعطلت حياتها.. وصار الفرق بينها وبين السجين المحكوم عليه بالسجن.. أن ليس عليها حكم ولا تهمة! فهي سجينة في غير تهمة إنما سجينة العجز وقلة الحيلة وعدم وجود سائق يقضي لها لوازمها الضرورية في ظل غياب «الرجل» الذي يقوم بصفة ولي الأمر لها! حيث تعتقد الأنظمة المحلية أن كل رجل هو في طوع نسائه خاصة أمه وأخته.. وهن بالفعل لهن عليه حق وفي الذمة، لكنهن أمهات وأخوات ولسن زوجات! فإن التفت الأخ أو الابن في وقت فراغه لأمه أو أخته ففي الغالب التفاتته مشروطة أنهن في خطر!! يعني الفزعة لا تجدها الأمهات والأخوات إلا عند الفجيعة أو الخطر! أما في المواقف الأخرى من لزوميات الحياة اليومية التي تحتاج إلى مشاوير بالسيارة فعلى كل واحدة منهن أن تلتزم بالصمت وتشدو مع الذي يشدو (سلام لله يا هاجرنا)!! فالرجل مسكين.. نهاره كد وعمل وعسى أن يجد وقتا لطلبات الزوجة المصون فهل يجد لأمه أو أخته؟! وعليه أن يلبي للزوجة نداءها فكيف يلبي النداءات جميعاً؟! وبما أن الزوجة أهم فعلى الأم والأخت السلام!! المهم أن الاعتقاد السائد أن الرجل يقوم بخدمة أسرته وتلبية احتياجاتها الضرورية ليل نهار اعتقاد باطل ووهمي ويحاول تزيين الصورة بل تغيير الحقائق التي نعيشها كل يوم بصور واضحة لا تحتاج إلى تعليق! كما هو خطأ فادح.... الاعتقاد الراسخ أن كل الرجال عندنا طيبون ومتفرغون وعطوفون وطائعون لنسائهم وليس المقصود بلفظ نسائهم زوجاتهم فقط! فلا ننسى أن الأم والأخت من نساء الرجل ومن مسؤولياته حتى لو تزوج وأنجب وصار أبا ثم صار جدا!!! لكننا لفرط ثقتنا بمكانة الرجل في المجتمع يفوت علينا أنه ليس ملاكاً ولا هو سوبرمان!!! المهم الأخت ذهبت واثقة إلى مكتب الاستقدام تطلبه سائقا! فوجئت بالرد الذي سمعته ثم أعاده عليها صاحب المكتب كي تتأكد منه.. قال لها أين صك الطلاق؟ ردت لست مطلقة! قال إذاً أين صك الوفاة؟! قالت لست متوفاة إني أقف أمامك بكل أوراقي الثبوتية إني لازلت على قيد الحياة وعندي شهادة دكتوراة وليس فقط شهادة ميلاد! قال لها النظام لا يسمح للمرأة إحضار سائق إلا إذا كانت مطلقة أو أرملة! بالله عليكم هل تقبل عقولكم هذا الكلام؟! عجيب أمرنا... في هذا المجتمع الكريم نفرح بزواج الصغيرات ثم نكرم المطلقات والأرامل!!! نحث على الزواج ونقيم حفلات الأعراس الجماعية ثم تكون الهبات والمكرمات لمن تطلق أو يموت عنها زوجها!! لماذا المرأة مربوطة دائما بأحوال الرجل!! ولماذا كل المتناقضات والتناقضات هي عيشة المرأة على الأرض! إنها تطلب سائقا وليس زوجا فمن يمنع عنها هذا الحق الذي هو ضرورة في مجتمع لا توجد به موصلات عامة آمنة وما دامت قادرة على دفع راتب السائق لماذا يجب عليها أن تكون طالقا أو تكون أرملة!! هل من مجيب؟