يقضي كثير من الشباب أوقات فراغهم المسائية في أحضان المقاهي التي يجدون فيها متعتهم المزعومة مع رائحة الجراك والمعسل، والتي يقذفون أدخنتها ترافقها زفرات الضجر من الفراغ في ظل محدودية الأماكن التي يسمح للشباب بارتيادها في ليالي الصيف، واستمرارية السؤال الدائم أين نذهب؟ خالد الغامدي علل مجيئه إلى مقاهي الشيشة بأنه ليس هناك مكان أفضل له ولرفاقه منها، وقال أعلم بأن الجلوس في المقاهي مضر حتى على من لايدخن الشيشة أو المعسل، ولكن أين نذهب؟ّ المراكز التجارية والحدائق مخصصة للعائلات، ومقاهي الإنترنت تغلق أبوابها في وجوهنا قبل الثانية عشرة ليلا. وحمل عبدالله حسن البطالة المسؤولية في اشغال الشباب أوقاتهم بالذهاب إلى تلك الأماكن، وقال إنه تخرج من الكلية التقنية قبل عام ونصف، ولم يجد وظيفة تجعله ينام مبكرا ليصحو نشيطا قبل الذهاب إلى عمله، فيقول: العطالة عن العمل جعلت وقتي غير منظم، فأنام في غير مواعيد النوم وأصحو والناس نيام، ولدي وقت فراغ كبير لا أجد للقضاء عليه أفضل من مقاهي الشيشة الشعبية. أما سلطان العلياني الذي جلس وحيدا في زاوية إحدى المقاهي الشعبية ينفث دخان شيشته ويشاهد التلفاز، فقد أوضح أنه يقضي يوميا مايقارب الخمس ساعات في فترة المساء في مقاهي الشيشة، مرجعا ذلك لإدمانه تدخين الشيشة الذي يمارسه منذ أكثر من عشرة أعوام تخللتها عدة محاولات لتركها ولكن عزيمته كانت تخونه في كل مرة، وحينما أراد ادخال الشيشة إلى منزله مقابل جلوسه في المنزل مع أسرته رفضت زوجته ذلك وفضلت جلوسه طوال الليل في المقهى على تدخين الشيشة أمام أطفاله. أما أحد كبار السن والذي اشترط عدم ذكر اسمه أو تصويره مقابل الموافقة على إجراء لقاء معه مبررا ذلك بأنه يمارس سلوكا غير مفيد! فقد قال: يعلم الله بأني نادم على ممارسة هذة العادة منذ أكثر من نصف قرن، ناهيك عن خسارتي لصحتي ومالي، حيث أصرف يوميا قرابة 25 ريالا ثمن هذا الداء، فضلا عن أنها أبعدتني عن أسرتي بعد أن تعودوا على غيابي بسبب الشيشة الخبيثة التي جعلت السعال رفيقي منذ سنوات. وحكى عبد الخالق منصور بأن محاولاته إخفاء ممارسته لتدخين الشيشة عن أبنائه باءت بالفشل، بعد أن حضر أحد أبنائه ومعه صديقان له لمتابعة إحدى المباريات المنقولة على قناة رياضية مشفرة ولم ينتبه لوجوده إلا حينما وقف أمامه مذهولا من مشاهدته والده وهو يتناول الشيشة وعلامات الاستغراب تعلو ملامحه؛ ليكتفى بقوله (ماني مصدق) !! ثم انصرف ليحاول بعدها، حاولت بعدها ترك الشيشة مرارا دون جدوى.