قد يهون السجن على السجين في بعض الحالات التي من أبرزها قضية السجين الأجهوري الذي مازال رهين السجن منذ أكثر من 27 عاما لمراوغته في إعادة حقوق الذين استولى على أموالهم وتحويشة الفقراء والأرامل لاستثمارها ثم غيبها وغاب حتى تم القبض عليه ليعيد للناس حقوقها، ومع ذلك لما يزل الأمر رهن النظر. قد يهون السجن على السجين في حالات كهذه، لكن المعاناة يعيشها أهل السجين وأبناؤه وبناته الذين قد يتعرضون للضياع عندما يعجزون عن تأمين مستلزمات المعيشة أو سداد إيجار السكن، فيضطرون للالتجاء للتسول والنصب، أو حتى الانسياق لطرق الضلال بما فيها ترويج المخدرات والانحلال الخلقي. أخي الدكتور خالد النويصر له رأي جدير بالدراسة ضمنه ما كتبه في «الاقتصادية» في العدد 6467 يطالب فيه بإلغاء عقوبة السجن في قضايا الحق الخاص، وأنا أقول والحق العام أيضا ما لم يكن للسجين سوابق في قضايا إجرامية. الدكتور النويصر يوضح المضار التي تنتج عن سجن رب الأسرة بقوله: «.. بيد أن ضرر سجن الفرد عادة ما يطول أسرته كذلك، فهي بعد أن اتخذت منه راعيا وقدوة حسنة ومثالا يحتذى في التربية والتنشئة، فكيف يكون الحال بتلك الأسرة وراعيها قد أصبح رهين الحبس في قضية حق خاص؟». ثم يضيف إلى ما سبق: إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، أقر نشر ثقافة حقوق الإنسان، كما أن ولاة الأمر رعاهم الله، منحوا صلاحيات واسعة وكبيرة لهيئة حقوق الإنسان في أن تتابع كل ما يتعلق بحقوق الإنسان في المملكة، لذا فإنه يؤمل ويعول كثيرا عليها أن تضع في صدارة أولوياتها مساعدة كل الجهات المعنية الأخرى بوضع الأنظمة اللازمة أو تعديلها للتعجيل بإلغاء عقوبة السجن عن سجناء الحق الخاص، كما أن نظام هذه الهيئة الصادر في عام 1426ه أوكل العديد من الأهداف والاختصاصات إليها، إذ تضمنت المادة الأولى من نظامها على أن هدف الهيئة هو حماية حقوق الإنسان وتعزيزها. ثم يطرح الدكتور النويصر بعد ذلك برأي مستنير قائلا: وبناء على ذلك كله، فقد حان الوقت لاتخاذ القرار بإلغاء عقوبة السجن لسجناء الحق الخاص على أن يستثنى من ذلك بعض الحالات مثل حالات النصب والاحتيال والشيكات دون رصيد والنفقة على الأبناء وغيره، وأن يصدر نظام عاجل في هذا الخصوص يوضح كل التفاصيل الخاصة بهذا الأمر بما في ذلك الآليات العملية التي تمنع من استغلال هذا النظام في التلاعب وأكل حقوق الدائنين.. ولعل مما يجب أن يشار إليه هو صدور قرار مجلس الوزراء برقم 2 وتاريخ 1/1/1422ه بإنشاء لجنة وطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وعائلاتهم .. ومن أهم برامجها مساعدة أسر السجناء والمساهمة في السداد عن بعض الغارمين المعسرين. مقترح جميل، ونظام كريم، فهل يمكن تفعيل الاثنين معا ؟.