التقاعد يعني بالنسبة لسالم علي القرني (70 عاما) التفرغ لتوفير مستلزمات الأسرة، هكذا بدأ سالم حديثه، وأضاف: تقاعدت عام 1413ه ولم أجد فارقا كبيرا في الحالتين، والمسألة تعتمد على طاقة الإنسان وجهده ووطأة التقاعد تختلف بين شخص وآخر، وبالنسبة لي فأنا متفرغ حاليا لأسرتي، وأكثر ما يشغلني هو انقطاع المياه عن منزلي بسبب توقف الشبكة الذي يستمر أحيانا لمدة شهر كامل، ما يشكل هاجسا لكافة سكان حي غليل جنوبي جدة حيث أعيش، وزاد: «نتزود بالمياه عبر الصهاريج وهناك نقطة تقلقني أكثر وهي انقطاع الكهرباء المتكرر، وخاصة في فصل الصيف وآمل في تغلب المسؤولين عن هذه المشكلة التي أشغلت وقتي و ذهني». ثمانيني يفتش عن أصدقاء الماضي يستغل عيسى علي جمعان (80 عاما) التقاعد، في إحياء التواصل الاجتماعي، وقال: انشغال الإنسان بعمله يسرقه عن أداء الكثير من الواجبات الاجتماعية، فمنذ إحالتي للتقاعد حددت هدفي باستغلال الوقت في البحث عن الأحبة والأقارب والأصدقاء، القريب منهم أو حتى البعيد، ولهذا بدأت مع أشهر التقاعد الأولى في التواصل مع أقربائي وأصدقائي، والبحث عنهم أينما كانوا، وذلك للتعويض عن فترة ارتباطي بالدوام الرسمي، ومنذ ذلك الوقت لم أترك مناسبة سواء كانت اجتماعية أو عائلية إلا و حرصت على أن أكون أول من يسعى لها. وأضاف: أذهب إلى (الديرة) من أجل الالتقاء بالأقارب وأبقى هناك لوقت غير محدد، وأستغرب ممن يتخوف من التقاعد، ومن هنا أعتبر أن الحياة ربما تبدأ مع التقاعد، ولعلي أعرف أشخاصا فتح الله باب الرزق الوفير بعد مرحلة التقاعد، خصوصا أن فرص الرزق مفتوحة أمامه وما عليه إلا أن يختار. هشبول يبحث عن وظيفة على قدميه لم تتوفر لعبده حامد هشبول العرياني (71 عاما) الفرصة لتحسين وضعة المعيشي بعد التقاعد، خصوصا أنه يعيش في منزل بإيجار شهري، وقال: مثلي مثل الآخرين مازلت أعيش في منزل مستأجر، وتقدمت لبنك التنمية رغبة في توفير السكن المناسب لأسرتي، ومنذ تقاعدي طرقت الأبواب للحصول على عمل يسهم في تحسين دخلي، ولم أعتمد قط على راتب التقاعد، الذي لم يتجاوز ثلاثة آلاف ريال، وكان تحركا محدودا، خصوصا أني أجريت من قبل عملية في المرارة، وأعاني من حصوة في القلب، ولا أملك وسيلة نقل تعيننا في مشاوير البحث عن وظيفة، أو حتى إيصال أبنائي إلى المدارس، فقد تقاعدت وعلى عاتقي ثلاث أسر وراتب التقاعد لا يغطي أغلب احتياجاتها. وزاد: «وضعي الصحي يقف عائقا أمام توظيفي، حتى وظيفة حارس تتطلب جهدا بدنيا وحركة دائمة، وهذا لا يتواءم مع ظروفي، ولم أجد أمامي سوى قضاء معظم وقتي في لقاءات تجمعني مع أصدقائي وأهل حارتي نتبادل الهموم ونتجاذب الحديث الذي لا ينقطع وصاله». الحربي: فترة التقاعد قاتلة منذ تقاعده منذ خمسة أعوام، ما زال سعد الحربي (69 عاما) وعلى نفس برنامجه السابق، يستيقظ لأداء صلاة الفجر وتناول وجبة الإفطار وكعادته يغادر منزله في السابعة، موعد الدوام الرسمي الذي دأب عليه لمدة 20 عاما، قبل أن يحال للتقاعد بحكم السن وفق النظام والقانون، يمارس رياضة المشي ويلتقي باصدقائه ومحبيه، ويصف الحربي فترة التقاعد بالقاتلة، وقال لم أهيئ نفسي لهذه المرحلة، ولهذا أشعر بالتعب وعدم تقبل الوضع رغم مضي سنوات خمس على خروجي من مكتبي، فالتقاعد رغم أنه سنة الحياة، لكن يجب أن نتهيأ له حتى لا نشعر بأية انتكاسة عند تسلمنا خطابات التقاعد. خمسيني يتفرغ للمراجعات بعد التقاعد يعتقد جمعان عيسى (50 عاما) أن قرار إحالته أطاح بالكثير من أحلامه الوردية، وقال: مررت بظروف عصيبة استنزفت عوائدي من الوظيفة التي كنت أشغلها، لذلك فإن قرار الإحالة للتقاعد كان أكثر وطأة، وكنت حريصا على توفير منزل خاص لأسرتي قبل التقاعد، ومن هنا لم أكن راضيا بوضعي في بداية مرحلة التقاعد، ولكن قدر الله و ما شاء فعل، ولهذا مازالت حتى بعد التقاعد أسير الأيجار. وأضاف: تقدمت بطلب للحصول على سكن يؤويني وأسرتي، وأتمنى أن أحصل عليه لأنني استحقه بالفعل، فهمي الأول والأخير هو تأمين السكن، ومنذ تقاعدي وظفت وقتي لمراجعة الجهات المعنية، علما بأنني متقدم على منحة سكنية منذ عام 1418 ه ولم أوفق حتى الآن، وزاد: «أن يتقاعد المرء شيء طبيعي، أما أن يتقاعد وهو لا يملك مسكنا يؤويه فهو أمر صعب للغاية، وكم تمنيت أن يأتي التقاعد وأنا أملك بيتا خاصا بي، ولو حدث هذا ربما كان وضعي أكثر راحة». الماء والصرف بين موسى علي سعيد الكناني (64 عاما) أنه يتصدى للجزء الأكبر من الهم الخاص بالحي، وأضاف قائلا: تقاعدت منذ عام 1412ه، وسكنت في حي النوارية شمال مكةالمكرمة منذ عام 1402ه، وكان حيا يفتقر لأغلب الخدمات، ولهذا باشرت حال تقاعدي مهمة الركض لدى أغلب القطاعات الخدمية لتوفير الخدمات الأساسية، ومنها الصرف الصحي وبقيت أتنقل ما بين البلدية والإمارة، حتى صدر الأمر السامي بربط الحي بشبكة المياه والصرف الصحي، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، إذ قرر المسؤولون في مكة تحويل مشروع الصرف الصحي لصالح حي (الشوقية) وهو حي حديث. وزاد: بعد إحالة مشروع الصرف الصحي لحي آخر، قررت المضي قدما في متابعة المعاملة، إلا أن جهودي لم تثمر شيئاً، علما أن المنطقة متشبعة بمياه الصرف، ويتكبد السكان مبالغ طائلة في عمليات الشفط. وقال «هذا التصرف من قبل البلدية لم يكن الأول وتكرر على مدى 30 عاما، وفي كل مرة يصدر الأمر بتزويد الحي بالماء والصرف يتم صرف المشروع إلى جهة أخرى».