يظل الخط العربي من الركائز الأساسية لثقافتنا العربية، وواحد من أهم مظاهر الحضارة الإسلامية، فالمحافظة على هذا الفن الأصيل، يقود للمحافظة على الهوية العربية والإسلامية، وفي هذا الاتجاه أبدع الخطاطون والحروفيون التشكيليون العرب في نقل هذه القيم التعبيرية للحرف، ووظفوه كمفردة تشكيلية تنطلق نحو الجمال. وتزخر الساحة الفنية بالعديد من الخطاطين والحروفيين الذين أبدعوا في هذا المجال وأخذوا على عاتقهم المحافظة على هذا الإرث الأصيل. يوسف إبراهيم.. واحد من هؤلاء المبدعين الذين عشقوا هذا الفن منذ صغرهم، وطور مهاراته في تعلم الخط العربي وإتقان قواعده على يد أساتذة كبار في الخط العربي، تحدث عن شغفه بفن الخط العربي قائلاً: «اهتمامي بالخط العربي بدأ مبكرا جدا، فقد كانت البداية مع الحرف كلاسيكية، تعتمد على القاعدة والميزان، ومن ثم درست على يد الأستاذ مصطفى نجاة الدين الأرضرومي بالمدينة المنورة، فأخذت على يديه قواعد خط النسخ، ثم زاد تعلقي بهذا الفن الجميل، مما جعلني أواصل الدراسة على يد الأستاذة خالدة شلبي بأنقرة، واستمرت تجاربي في الخط العربي، حتى تطور المفهوم لدي، وبدأت عندي رحلة ربط الحرف العربي بالنغم، وقد برز في هذا النوع من الفن الخطاطون المسلمون الذين كان لهم الدور الأعظم في الحفاظ على قواعده وموازينه. ويضيف يوسف إبراهيم:» جماليات الخط العربي لا تقف عند حد معين، بمعنى أن الحرف العربي، قد يتعدى حدود العبارة المقروءة، والقاعدة والميزان، وينتهج بعدا رابعا، لينطلق فيه الحرف عاليا مغردا مع نغم بعيد، في أفق عال يعانق أنغاماً مخزونة في خيال خطاط «شاعر» فنان، لتأتي النتيجة لوحة تتحد فيها الحروف بالنغم». وفي بعض تجارب يوسف إبراهيم مثال جلي يوضح هذا التحالف للحرف، دون الإخلال المشين بالقاعدة والميزان. ويرى يوسف إبراهيم سر احتفاظ حرفه بروحه الخاصة التي تميزه بأنه نتاج أكثر من 20 عاما من التجارب المستمرة، التي حاول فيها جاهدا عدم التعرض لقاعدة الخط العربي، وميزانه قدر المستطاع بأي نوع من التشويه، أو التحريف الذي اعتبره شخصيا جريمة في حق فننا العربي الإسلامي الأصيل. وحول اتجاه البعض من التشكيليين في توظيف الحرف العربي في أعمالهم التشكيلية بشكل غير مدروس ويشوه جماليات هذا الفن الأصيل يعلق قائلا: «جميل أن نرى حروفيين يهتمون بالحرف العربي في لوحاتهم التشكيلية، ولكن من الغريب أن توظيف الحرف العربي في اللوحة التشكيلية صار عند البعض بشكل غير مدروس وغير متزن، قد يشين ويسيء لحرفنا العربي، لذا أرى من الضروري الاهتمام بقدسية هذا الحرف، كما يجب التعرف على جماليات هذا الحرف وموسيقاه وأسراره قبل استخدامه في تلك الأعمال حتى نحافظ على الحرف، كقيمة تشكيلية فنية عربية وإسلامية.