يقطع بعض المثقفين السعوديين المسافات الطويلة من أجل الظهور «ضيوفا» على البرامج الفضائية غير المحلية طبعا! ولو قال لهم المضيفون على حسابكم تشاركون لقالوا فرحين، مرحى مرحى على الرحب والسعة ما عندنا مانع! بل إن بعضهم يرفض مترفعا أن يأخذ التذكرة المدفوعة الأجر ويبادر إلى دفع القيمة ويسافر من أجل الظهور مع مذيع يقاطعه كل الوقت... ثم يلجمه بعبارة انتهى الوقت! ولاحظوا البرامج المثيرة للقضايا الساخنة لا بد أن وأن تكون قد مرت على السعوديين بألسنة سعوديين وبضيوف من السعوديين! يعني الضيوف والمتصلين المحركين للبرنامج كلهم من السعوديين ما عدا... المذيع!! بمعنى أن هذه البرامج تقوم على كاهل السعوديين أمام الكاميرا وعلى كاهلهم من وراء.. الكواليس!! ولا أقول شططا إذا أعلنت أن البعض في الداخل يعتقد أن الظهور في برنامج فضائي غير محلي يمهد الطريق إلى منصب يسيل له اللعاب! ولأجل غاية تكرم الوسيلة!... والبعض يعتقد أن الظهور مع الآخرين يضعهم على أجنحة تحلق بهم لمزيد من الانتشار. من وجهة نظري الأكثر أهمية هو الالتفات صوب البرامج الحوارية عبر التلفزيون المحلي وتطويرها وإعادة صياغتها بعيدا عن الجمود والانغلاق . دعوا البرامج الحوارية تتنفس! ودعوا المذيعين والمذيعات قبل مواجهة الكاميرا للظهور أمام الناس.. يأخذون نصيبهم من التدريب والتأهيل والإعداد وخطأ أن يعتقد بعض المذيعين والمذيعات أن مجرد خروجهم هو نجاحهم! وخطأ أن تكون النظرة للأمر كنوع من الفرصة المواتية للشهرة والتسلية والنجومية! ويلاحظ أن التطور التلفزيوني عندنا ركز على الشكليات وتجاهل الأساسيات! فالبشر والكوادر العاملة في نطاقه أهم من الأدوات والمؤثرات الضوئية والصوتية! ولا زلنا ننشغل بالصورة عن المضمون، و«بالغترة» المنشاة عن اللغة السليمة والبسيطة! وننشغل بالعيون الكحيلة عن البرامج الهادفة! كما تشغلنا كثيرا «الطلة» أكثر مما يشغلنا الهدف منها!! لاحظوا تسابق ضيوف القنوات الفضائية من السعوديين على الظهور هناك وليس هنا! وهناك يجدون المذيع الذي يتلقفهم ويجدف في أعماقهم دون أن يهز رأسه موافقا على كل كلمة ودون تكلف أو جمود ودون الاكتفاء بالنظر في ورقة الأسئلة دونما اعتبار لإجابة تستحق التعليق! الطفرة التلفزيونية الحقيقية ليست في تعدد القنوات المتخصصة بل في القيام بدور أساسي في نهضة المجتمع ولا زلنا ننهض بلا تلفزيون!