تمكن فريق طبي سعودي من تحقيق إنجاز عالمي من خلال الاستفادة من وسائل التقنية الحديثة في التواصل بين المريض والطبيب، واستخدام ذلك في المتابعة الدقيقة لعلاج الحساسية من الأدوية. واستطاع الفريق الطبي في إزالة الحساسية بنجاح في حالة نادرة تعاني من حساسية شديدة عند تناول دواء الألوبيورينول والذي يستخدمه المريض لعلاج داء النقرس، وبعد أن استنفذ طبيبه استشاري أمراض الروماتيزم جميع طرق العلاج دون النجاح في التحكم بمستوى حمض اليوريك بسبب إيقاف هذا الدواء، ونظرا لعدم وجود عقار بديل لعلاج هذه الحالة تم تحويل الحالة لعيادة الحساسية في جامعة الملك عبدالعزيز لإجراء عملية إزالة هذه الحساسية لكي يتمكن المريض من أخذ الدواء. الفريق الطبي أوضح ل «عكاظ» ، أن دواء الألوبيورينول يوصف عادة لبعض مرضى ارتفاع حمض اليوريك في الدم والذي يعانون من مرض النقرس، وذلك عندما لا يتم التحكم لديهم عن طريق الحمية الغذائية من البروتينات وخصوصا ذات المصدر الحيواني، لكن قد تظهر عند بعض المرضى أعراض حساسية لهذا الدواء، ورغم أن الإصابة بالحساسية ضد دواء الألوبيورينول نادرة جدا، حيث لم تتجاوز النسبة العالمية أكثر من 2 في المائة، إلا أنها قد تكون خطرة جدا وتؤدي إلى صدمة الحساسية في حوالى 0.4 في المائة من الحالات. وأضاف الفريق الطبي «في معظم حالات الحساسية الشديدة من الدواء فإن العلاج الأمثل (بعد فشل الأدوية المضادة للحساسية) هو إيقاف الدواء المسبب للحساسية بعد التعرف عليه والتأكد من التشخيص، ثم يقوم الطبيب المعالج بوصف دواء بديل يعالج الحالة، وفي بعض الأحيان يحدث عدم وجود دواء بديل أو عدم توفره في الصيدليات المحلية، ويؤدي توقف أخذ الدواء المهم إلى عدم التحكم في المرض وتدهور الحالة المرضية. ويكون المخرج الوحيد لعلاج هذا الحالة هو إزالة الحساسية من الدواء عن طريق تدرج الجرعات، لكن هذه العملية يرافقها بعض الصعوبات في مراقبة العلاج والاستجابة العاجلة عند ظهور أعراض جانبية قد تكون خطيرة». وأفاد الفريق الطبي أن البحث الذي أجري كان لمريض سعودي عمره 65 عاما يعاني من مرض ارتفاع ضغط الدم ومرض النقرس منذ سنوات، وبعد تعاطيه لدواء الألوبيورينول بشهور ظهرت عليه أعراض حساسية مثل الحكة والطفح الجلدي والغثيان. وتحسنت حالته بعد إيقاف دواء الألوبيورينول، وبعد ذلك بفترة تكررت نفس الأعراض ولكن بشدة مصحوبة بتورم في الفم بعد تعاطيه لحبة واحدة من هذا الدواء، وتم الكشف عليه في عيادة الحساسية والمناعة في مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز في جدة. وكان تشخيص نوع الحساسية في هذه الحالة من النوع الأول من الحساسية بسبب دواء الألوبيورينول، وهو من أخطر أنواع ردات الفعل التحسسية. ونوه الفريق الطبي أن هذه تعد الحالة الأولى عالميا التي تم فيها استخدام البريد الإلكتروني كأداة للمتابعة القريبة في إنجاح إزالة الحساسية من الأدوية عن طريق الفم، ويستنبط من نتيجة هذا البحث أن استخدام البريد الإلكتروني في التواصل بين المريض والطبيب هي طريقة حديثة وفعالة، حيث إنها توفر الدعم الطبي المتاح على مدار الساعة، طالما لا توجد حاجة ماسة سريعة للاستجابة العاجلة. وعرض الدكتور خالد باواكد ممثلا عن الفريق الطبي هذه الحالة على شكل معلقة في أكبر تجمع علمي سنوي تعقده الأكاديمية الأوروبية لأمراض الحساسية والربو والمناعة، والذي عقد في مدينة إسطنبول بتركيا مؤخرا، ولاقى هذا البحث استحسان الكثيرين من الحاضرين للمؤتمر من أطباء وعلماء وباحثين، وكان قبول عرض معلقة هذا البحث ضمن ما يقارب من 2000 معلقة قدمت في هذا المؤتمر الثلاثون للأكاديمية الأوروبية لأمراض الحساسية والربو والمناعة، كما تم إقرار عرض هذه الحالة كمعلقة على الموقع الإلكتروني لهذه الجمعية على الإنترنت لمدة سنة ضمن الحالات النادرة. وشدد الفريق الطبي على ضرورة التأكيد على العاملين في القطاع الصحي إلى أخذ الحيطة والحذر عند وصف أي نوع من أنواع الأدوية للمرضى، وذلك لاحتمالية ظهور أعراض الحساسية لديهم حتى يتم التأكد من عدم وجودها، ومأمونية استخدام الدواء بشكل طبيعي دون الخوف من أي ردود فعل جانبية قد تهدد حياة المريض، حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن احتمالية ظهور هذا النوع من الحساسية نادرة ولكنها واردة، رغم عدم وجود أي تاريخ مرضي لدى المريض بأي نوع من أنواع الحساسية. وتكون الفريق الطبي من قطاعات علمية وأكاديمية وصحية مختلفة برئاسة البروفيسور عماد كوشك أستاذ الباطنة والحساسية والمناعة في جامعة الملك عبد العزيز والمكلف حاليا عميد مؤسس لكلية الطب في جامعة الباحة، والدكتور خالد باواكد استشاري طب الأسرة في وزارة الصحة، والدكتور موفق طيب أستاذ مساعد ورئيس قسم طب الأسرة في كلية الطب رابغ بجامعة الملك عبد العزيز، والدكتور مجدي قطب استشاري طب الأسرة في العيادات العامة في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز.