المتأمل لما تقوم به إسرائيل في سبيل تحقيق مصالحها وما يقوم به العرب للهدف نفسه يشعر بالفرق الهائل بين ما يقوم به الطرفان، فرق يجعل الكثير من العرب يطأطئون رؤوسهم خجلا مما يرون. إسرائيل تتحرك في كل اتجاه، ودبلوماسيوها لا يكادون يتوقفون عن العمل دفاعا عن مصالحهم في بعض الأحيان وهجوما على أعدائهم العرب أحيانا أخرى. بينما الدبلوماسيون العرب يغطون في نوم عميق لا يكادون يشعرون بالخطر الذي يحيق ببلادهم. عندما عزم الفلسطينيون على التوجه للأمم المتحدة للاعتراف بدولتهم بعد فشل كل الحلول الأخرى مارس الصهاينة كل الوسائل لكي يفشلوا هذا المسعى؛ فأعلن أعوانهم الأمريكان أنهم سيقفون ضد هذا المشروع حتى لو استخدموا الفيتو وقد تناسى هؤلاء كل وعودهم السابقة بأنهم مع قيام دولة فلسطينية وعلى حدود 1967 بل إنهم هددوا الأممالمتحدة بقطع الدعم المادي عنها إذا اعترفت بدولة فلسطين!! وتحرك الصهاينة أيضا لإثناء الأوروبيين وغيرهم عن الاعتراف بدولة فلسطين، وفوق هذا كله هددوا الرئيس الفلسطيني بعقوبات كثيرة إذا أصر على التوجه للأمم المتحدة. وفي خضم كل تلك الأعمال التي قاموا لم نر أي تحرك عربي جاد دعما للدولة الفلسطينية التي يجب أن تقوم وبما يوازي ما يقوم به الصهاينة مع أن العرب يملكون كل مقومات النجاح المادية والمعنوية لكن إرادتهم الضعيفة حالت بينهم وبين ماكان يجب أن يفعلوه. إسرائيل كما نعرف تصر على حصار غزة وتعمل كل شيء من أجل إبقاء ذلك الحصار، ومعروف ما فعلته العام الماضي في أسطول الحرية الأول وهي الآن تمارس الدور نفسه ضد أسطول الحرية الثاني، فقد ضغطت على اليونان لمنع توجه الأسطول إلى غزة، كما نجحت في جعل وزيرة خارجية أمريكا تبيح لهم قتل المتضامنين مع الغزاويين بحجة أنه دفاع عن النفس!!! من يصدق أن أمريكا التي تدعي الديمقراطية تشرع للصهاينة قتل أناس عزل يحملون مواد إغاثية لمليون ونصف من المحاصرين؟!!! وفي ظل هذا كله يصمت العرب تماما وكأن ما يجري لدولة عربية لها خصوصية لدى كل مسلم لا يشكل لهم أية أهمية!! كان من المفترض أن ينطلق هذا الأسطول من إحدى الدول العربية فإن لم يكن فعلى الأقل أن تتحرك البلوماسية العربية لتسهيل تحركه من اليونان أما الصمت فهو مسيء لكل عربي ومسلم. وفي سبيل إسكات الأصوات الحرة التي تفضح مخازي الصهاينة ضغطت إسرائيل على بريطانيا لكي تطرد الشيخ رائد صلاح من أراضيها لكي لا يفضح جرائمهم ويبدو أنها ستنجح في هذا المسعى، وفي السياق نفسه ضغطت على إدارة الفيس بوك وآبل لكي لا تتيحا أي مجال للتحدث عن جرائمها وقد نجحت في ذلك!! باختصار إسرائيل فعلت الكثير من أجل حماية مصالحها وبكل الوسائل غير القانونية وغير الإنسانية وإذا كنت أرى أن من حق إسرائيل أن تدافع عن مصالحها فإني أرى أن من واجب العرب أن يفعلوا الشيء نفسه من أجل الدفاع عن مصالحهم لاسيما وأن لديهم من الإمكانات المادية والمعنوية ما لا تملكه إسرائيل وحلفاؤها والإرادة القوية هي التي تحقق كل ذلك.