أنا فتاة عمري 16 سنة، أتمتع بنضج عقلي أكبر من سني في بعض الأمور، قبل سنتين أو ثلاث مثلي مثل أي بنت اندفعت إلى ما يسمى بالحب، وللأسف لقيت أصعب المعاناة منه وأصعب الجروح، فقد أحبيت شخصا من عائلتي وهو ابن عمتي، وقد أحببته حبا خياليا، وهو لم يكن يعلم بحبي له، والسبب أننا لا نلتقي إلا في الأعياد أو الإجازات، وكنت أتمنى رؤيته والتحدث إليه، وفي يوم من الأيام تعرفت على صديقة وارتحت لها وصرت أبث لها مشاعري وعواطفي تجاه قريبي لدرجة أنني تهورت وأعطيتها رقمه حتى توصل له حبي، ولكن للأسف لعب بعواطفي وتبين أنه سافل وحقير وكذاب، وفي البداية كان يخبرها بكلام توصله لي وتعلقت به نتيجة لذلك، وفجأة صدمني حين طلب منها أن تقول لي أنه يكرهني وأنه مثل علي دور المحب، وأنني غبية لأنني صدقت ما قاله لي، ووقع الكلام على نفسي كالسكين التي غرزت في قلبي، فتعبت وتأثرت دراستي وصرت إنسانة مجروحة ومكسورة، ولأنني لا أجد أحدا أتكلم معه فأبي لا يؤمن بالحب والغرام، وأمي كذلك، لذا فقد لجأت إليك بعد الله، وهو الآن يتصل بصديقتي ويقدم لها الهدايا ويعبر لها عن حبه، وفي الوقت نفسه يشتمني ويقول إنه يكرهني مع أنني لم أسيء إليه، وأكثر ما يقهرني الآن أنني خسرت اثنين صديقتي التي كنت اعتبرها أقرب الصديقات، وقريبي الذي لم أسيء إليه إطلاقا، وصرت الآن فاقدة للثقة بكل الناس، وفي نفسي، وأتساءل دائما لماذا كرهني وأنا أحبه، لماذا جرحني وأنا أعشقه، وإذا التقينا يصد عني، ومع كل ذلك أفكر به دائما، وحين تكلمني صديقتي تحدثني عن الهدايا التي قدمها لها، وعن كلامه السيئ بحقي، وأنه سمعها أغاني، وسؤالي لك: ماذا افعل؟ هل أعيش بهمي الذي أنا فيه؟ أم أحاول نسيانه؟ فأنا دائمة البكاء، لذا أرجوك أن تحل لي هذه المشكلة. ف.م جدة حل مشكلتك يبدأ من سؤال توجهينه لنفسك: ما الحكمة مما حدث؟ هل كان الأفضل أن تستمري في العلاقة مع شاب مثل قريبك؟ هل الأفضل أن يكتشف والدك ووالدتك مثل هذه العلاقة وتخسري ثقتهم وتقعي في مشاكل ثم تكتشفي حقيقته بعد أن تخسري ثقة والديك، وهل من الحكمة أن تعرفيه أنه كذاب ومخادع ويلعب بعواطف الناس بعد أن تكوني قد تورطت في علاقة معه؟ ألم يكن بالإمكان وأنت متعلقة به كل هذا التعلق أن تتورطي بتلبية بعض طلباته منك والتي بالتأكيد لن تصب في مصلحتك؟ هل لديك يقين من أنه لن يتلاعب بصديقتك بعد أن يأخذ منها ما يريد إن تهاونت واستجابت لطلباته؟ كل هذه الأسئلة أنت بحاجة للبحث عن إجابات لها، بخاصة أنه لا يملك تقديرا حقيقيا لك، لا لأنك سيئة وإنما لأنك تملكين من الحياء ما جعلك لا تخاطبينه مباشرة، ولو كان يحفظ قيمة للقرابة لقدر مشاعرك إلا أنه حرص على استغلال صديقتك وبنى معها علاقة لا يدري أحد إلى أين ستصل ولا إلى أين ستستمر، والواضح أنك ينبغي أن تحمدي الله أنه لم تنجح العلاقة معه لأن استغلاله لمشاعر الفتيات واضح، وأمثاله يتعاملون مع الفتيات كما يتعامل الأطفال مع اللبان يمضغونها حتى ينتهي ما بها من طعم حلو ثم يرمونها غير عابئين بها، هذا عن علاقتك بقريبك، أما عن فقدان ثقتك بالناس وبنفسك فأمر يحتاج منك للتريث، فأنت ما زلت في سن مبكرة ولم تتعاملي مع الناس بما فيه الكفاية، وعليك أن تنظري لما حدث باعتباره تجربة مررت بها، وأنت بحاجة للنظر إلى الحكمة منها قبل الشعور بفداحتها، ولابد لك من التوقف للتساؤل: هل الأفضل ما حدث أم الأفضل أن تتورطي معه بما هو أكبر من ذلك؟ وهل الأفضل ما حدث مع صديقتك الآن أم الأفضل أن تتورطي بعلاقة مشبوهة مع قريبك وتقوم هي بعد ذلك بفضحك عند أهلك؟ وهل هي صديقة حقيقية أم أنها شابة جاهلة وليس لديها حرص على الصداقة وعليك؟ ما أعرفه أن الصديق الحقيقي هو من يدل صديقه على طريق الخير والصلاح لا من ينحصر تفكيره وهمه في مصلحته، لو كانت صديقة حقيقية لحرصت على منعك من مثل هذه العلاقات، وعليه فأنت بحاجة للتريث في تعميم تجاربك فالناس ليسوا كلهم كابن عمتك وليسوا أيضا كزميلتك لأنها ليست صديقة بالمعنى الحقيقي للصداقة، أنت شابة في مقتبل عمرك وتأكدي سيأتي وقت قريب تضحكين من نفسك للحزن الذي تمرين به، وستتأكدين أن ما حصل به خير كبير لك، انطلقي وعودي إلى حياتك واحرصي على تحقيق ذاتك من خلال الأعمال الإيجابية والمرضية لوالديك بدل حبسك لنفسك في تجربة لا تعدو أن تكون واحدة من تجارب الحياة التي ينبغي أن نتعلم منها ونحرص أن لا نقع بمثلها ثانية.