تأتي العمالة الفلبينية في المرتبة الثانية من ناحية الإشكاليات والهروب بعد العمالة الإندونيسية، وهو ما دعا حكومة مانيلا التي تعتبر المملكة من أكبر الأسواق استيعابا لعمالتها إلى فرض بعض الإجراءات، إذ يتجاوز عددها 1.3 مليون عامل وعاملة من إجمالي عدد العمالة في المملكة، والذي يقارب التسعة ملايين. وبحسب السفير الفلبيني في الرياض عزالدين تاجو فإن العمالة المنزلية تشكل ما يقارب ال15 في المائة من إجمالي العمالة الفلبينية، ويعتبر مختصون أن العمالة المنزلية هي التي تكثر فيها المشاكل حيث إنها الأكثر التصاقا بالمواطنين والأكثر تأثرا وتأثيرا داخل الأسر السعودية. فقلما تجد منطقة من مناطق المملكة لا تتواجد فيها عمالة منزلية سواء خادمات أو سائقين، ولكن الملاحظ أن نسبة الهروب تكثر في العمالة الرجالية وتقل في النسائية، التي تكثر في مجال التمريض وتقل كثيرا في العمالة المنزلية مقارنة بالجنسية الإندونيسية، ولعل المؤسف أن نسبة الهروب تكثر بين المسلمين وتقل في غير المسلمين.«عكاظ» تختتم هذا الملف بتسليط الضوء على هروب العمالة المنزلية الفلبينية وإشكالاتها، وما الأسباب التي تجعل هذه العمالة تخاطر بالهرب، وكيف يتم التخطيط لذلك، وكيف تعمل بعد الهروب وأين تعمل وأين تسكن؟ وكيف تقضي فترة الإجازات؟ لذلك التقينا بعدد من الهاربات والهاربين قرب القنصلية الفليبينية في جدة قبل ترحيلهم، كما ناقشنا أصحاب الاختصاص في محاولة لوضع الأصبع على المشكلة واقتراح الحلول. أسباب الهروب البداية كانت بلقاء مجموعة من الفلبينيين المتجمهرين أمام القنصلية للمطالبة بترحيلهم واستخراج وثائق سفر لهم، حيث قالت نور الهدى - إن سبب هروبها هو ضعف الراتب الذي كانت تتقاضاه فهو لا يتجاوز 750 ريالا، ورفض الكفيل أن يزيد راتبها خصوصا أن حجم العمل الذي كانت تقوم به كثير ولا يتناسب مع الراتب - على حد تعبيرها. وأضافت: بعد فترة قدم زوجي إلى المملكة للعمل في إحدى الشركات، فطلبت من الكفيل أن التقي به لكنه طلب مني ما يثبت أنه زوجي ونحن لا يوجد لدينا إثبات لذا قررت الهروب من العمل كمتخلفة أحصل على إجازة كل 15يوما والراتب أعلى وفي الوقت الذي أرغب فيه أتوقف عن العمل والتقي زوجي، الذي كان يصعب عليه الحضور إلى منزل الكفلاء، لذلك أصبحنا نلتقي في شقة مستأجرة نحن وبعض الأصدقاء، ويتم تقسيمها كل أسرة في غرفة ونتحمل تكاليف الإيجار بالمشاركة». وحول من يوفر لها العمل وكيف تتنقل من منزل إلى آخر قالت «العمل متوفر فالأسر ترغب في الخادمة التي تجيد التحدث باللغة الإنجليزية وأنا عملت لفترة طويلة مع أسرة غير سعودية من الجنسية اللبنانية، وبعدما غادرت الأسرة انتقلت للعمل مع مسنة كنت أقدم لها الرعاية الطبية والأدوية في مواعيدها، وكذلك حقن الأنسولين وهذه الخبرات استفدت منها كثيرا في المملكة». ضعف الراتب أما كارلوس فقال «قدمت للعمل في المملكة كسائق خاص، ولكن المشكلة أن فترة العمل كانت طويلة، فأنت تعمل مع أسرة لها متطلباتها في الليل و النهار واليوم يبدأ من وقت توصيل الأولاد إلى المدارس، والجامعة وانتظارهم ومن ثم العودة وقضاء احتياجات الأسرة في المساء، ولم يكن الراتب يتجاوز 1200 ريال في حين أنك تستطيع أن تعمل مع أكثر من جهة والحصول على مبالغ أكبر». ومضى قائلا: هربت وانتقلت للعمل في توصيل الطلبات وتوفير المشتريات لعدد من البقالات التي توفر السلع التي يحتاجها أبناء الجالية الفلبينية، وكذلك العمل خلال الفترة المسائية في أحد المطاعم التي تقدم الطعام الفلبيني، ومن خلال هذا العمل كنت أحصل على دخل شهري ضعف ما كنت أحصل عليه مع الأسرة وكذلك أحظى بإجازة والتقي الأصدقاء. الهروب الرجالي إلى ذلك قال رئيس لجنة الاستقدام في الغرفة التجارية الصناعية في جدة يحيى آل مقبول «مشكلة العمالة الفلبينية الرئيسية في الهروب هي مع العمالة الرجالية أكثر نظرا لأن عدد الرجال أكثر خصوصا أن العمالة النسائية في معظمها تعمل في قطاع التمريض، ومن النادر جدا أن تحصل في هذا القطاع عمليات هروب، لأن الرواتب مجزية والعمل في مستشفيات بناء على تعاقدات جيدة، إضافة إلى أن العامل يحرص على اكتساب خبرة لا توفرها له مستشفيات أخرى تؤهله لفرصة عمل أفضل في أماكن أخرى». وأضاف أن السبب الرئيسي في هروب العمالة الفلبينية هو البحث عن زيادة الدخل، وكذلك التواجد مع الأصدقاء وإقامة العلاقات التي تكون سببا رئيسيا في الهروب، فمن ثقافة الشعب الفلبيني وجود صديقات ووجود أصدقاء وكل هذه المخالفات ينتج عنها بعض الجرائم الأخلاقية والتي تنتشر في هذه الجالية. نسبة هروب ضئيلة في المقابل قلل السفير الفلبيني لدى المملكة عز الدين تاجو من نسبة الهروب في العمالة الفلبينية وقال «إنها لا تذكر ولا تتجاوز ال1 في المائة». وأضاف أن هروب عمالتهم كان ناتجا عن ممارسة بعض الكفلاء التي وصفها بغير العادلة، إما بعدم دفع الرواتب أو المعاملة السيئة؛ وهو الأمر الذي دعا حكومة بلادهم إلى فرض عدد من الإجراءات والاشتراطات التي تكفل حماية عمالتهم، وهذا الأمر قلل من نسبة هروب العمالة. وتابع أن العمالة المنزلية الفلبينية لا تتجاوز 15 في المائة من مجمل العمالة الفلبينية في المملكة والتي قدرها المتحدث باسم الرئيس الفلبيني بأكثر من 1.3 مليون عامل وعاملة، مشيرا إلى أن النسبة الأكبر من حالات الهروب مسجلة لدى هذه الفئة وهي العمالة المنزلية.